الاقتصاد والوجوه التعبيرية الثلاثة - سفيان باوزير

 

أتعلمون أنه بإمكاننا إعطاء درس اقتصادي من خلال هذه الأوجه الثلاثة؟ 



الصراع الاقتصادي الذي نشهده في عصرنا.. طرفاه دائما (الرأس مالية، الاشتراكية)، ويمكننا شرح نظريات هذا الصراع بشكل مبسط جدا من خلال الأوجه التعبيرية الثلاثة. 

الوجه الأول: المبتسم 

ويمثل آدم سميث، صاحب بذور الرأس مالية.. والذي سُمِّيت مرحلته بـ "الرأس مالية المتفائلة" ولهذا رمزنا له بالوجه المبتسم.. وسميت مرحلته بالمتفائلة.. لأنه لم يراعِ الواقع، فكان متفائلا أكثر من اللازم، وكانت فكرته الأساسية هي مراعاة الملكية الفردية، وأن السوق سينتظم بنفسه دون حاجة تدخل طرف آخر.. وفي بادئ الأمر حازت فكرته على إعجاب الكثير من الناس فتخيلوا معي:

لو أن الناس تركت شراء السيارات.. واتجهت إلى الدراجات... فكان المطلوب من الدراجات أكثر من الموجود.. 

ماذا سيحصل؟

حسب قانون الطلب والعرض: سيزيد الطلب على الدراجات.. وسيقل على السيارات، مما سيزيد العرض على الدرجات ويقلل الطلب على السيارات.. 

لكن حسب ما فكر به آدم سميث:

فإن مستثمري السيارات سيتوقفون عن صناعة وإنتاج السيارات.. وسيتوجهون إلى صناعة الدراجات لتحقيق ربح أكبر، فبهذا سيقل الفائض الإنتاجي للسيارات، وسيزيد إنتاج الدراجات أكثر مما هو موجود..

ولكن جاء الوجه الغاضب، وأخذ يلطم أفكار آدم سميث من جانبي وجهه: نعم إنه كارل ماركس..

وكأنه كان يقول لآدم سميث:

حسنا يا عالم عصرك وزمانك.. إن حصل ومصانع السيارات أغلقت.. فأين سيذهب العمال؟ ستقول لي أن كلهم سيذهبون لمصانع الدراجات؟ أحقا أنت بكامل قواك العقلية؟ ماذا ستفعل بالخبرة؟ وماذا ستفعل بالعدد الهائل من العمال؟

ألن يكون هذا انتحارا واضحا؟ دخل الفرد سيقل.. والفقر سيزيد.. 

فكانت فكرة ماركس الأساسية هي عدم الاعتماد على الآلات، لأنها تقلل من العامل البشري. وأيضا يجب أن تصبح الشركة للدولة لا للأفراد.. ثم تأتي الدولة وتوزع الربح على جميع العمال بالتساوي.. لا فرق بين مدير ولا عامل.. وفي البداية صارت هذه الفكرة محل جذب العديد من العاملين، فكرة سرقت عقولهم وعاطفتهم، وأخيرا العمال.. سيتحررون!! 

انتظر انتظر يا ماركس، تعلمت الاقتصاد منا.. وفي لحظة رميتنا صدق الشاعر عندما قال:

أُعَلِّـمُهُ الرِّمَايةَ كُلَّ يَـومٍ

فَلمَّا اشْتَدَّ سَاعِدُه رَمانِي

وَكَمْ عَلَّمْتُـهُ نَظْمَ القَوَافي

فَلَـمَّـا قَالَ قَافِيةً هَجانِي

نعم.. إنه الوجه الثالث

إنه جون كينز: الرأس مالي.. ولكن ليس المتفائل.. بل المعتدل 

عندما أحس جون كينز بخطر الفكر الاشتراكي، خصوصا بعد الثورات التي حصلت والتي كانت تتبنى فكر ماركس، أحس كينز بخطإٍ ما في الرأس مالية، حتى وجد الخطأ.. 

-حسنا يا ماركس.. إن أسلافنا عندما وضعوا النظريات.. لا يعني هذا أن كل كلامهم كله على حق، ولكنهم وضعوها لنأتي نحن الخلف ونكمل مابنوه، ثم تعال أنت.. لا تريدنا أن نعتمد على الآلات؟ هل تمتلك عضلات تمكنك من حمل أطنان الحديد؟ أوه صحيح.. عمالك يعملون بالبترول لهذا هم لا ينامون ولا يتعبون، وهل من العدل أن تساوي الكل؟ 

الذي يعمل بجد، كالذي يكون عمله خفيفا؟ 

صاحب الأعمال المكتبية، كصاحب الأعمال الميدانية؟ أين تعيش أنت؟ ولماذا لا تريد من الأفراد التملك؟ أليس هذا من العبودية التي كنت ترفضها؟ 

كانت فكرة كينز تتمثل حول: ملكية الفرد، ولكن السوق لن تنتظم وحدها كما قال سميث، بل يجب على الحكومة أن تتدخل في السوق عند التضخم أو عند الكوارث والمشاكل وغيرها.. 

وهي التي يسير عليها الغرب حاليا.. ولو أن فيها العديد من الأخطاء ففيها أيضا نظام العبودية كذلك ولكن بشكل غير مباشر. 


المصدر: "فهم الاقتصاد" للكاتب جاسم السلطان.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محمد الشريف.. العالِم الطيار - السيد سين

فماذا أقولُ ياقُدسي - سارة سامي