الاستِسلام - نجاة البكاري
شيءٌ ما يَعصِر قلبي، يُسيطر الحزن على حواسي، أعيش في تساؤلاتٍ كثيرةٍ، أتعجّب وأستفهِم:
لمَ لا يُدافِع المرءُ عن نفسه؟
لمَ كل هذا الاستسلام، وما الأسباب لذلك؟
أيعود هذا الشيء إلى ماضٍ مؤلمٍ، وذكرياتٍ خالدةٍ في الذّاكرة؟
أخبرني بأنه يخاف العتمَة والأبواب المُغلقة.
أود معرفة المزيد عنه؛ عالمه الذي يسكنه...
أمره عجيب جدا؛ تلك الفوضى والعصبيّة من صفاته: صراخٌ يكتظّ في زوايا منزله، ثم ما هي إلا ثوانٍ معدودةٍ ويصير رجلًا آخر!
يحبّ السّلام الذي يتمنّى الوصول إليه.
يتعب جاهدًا، يكافح نهارًا، يُحبّ اللّيل بكل ما فيه.
يجد راحتَه حين يلقي جسده المُنهَك على سريره، يُحدّث نفسه عن أمنياتٍ يتمنّاها، عن وجباتٍ عليه القضاء بها.
يُحبّ السياسَة جدًّا بل يعشق متابعة الجديد منها، لكنه شديد الحرص على أن لا ينشر أيّ موضوع من هذا القبيل، بل إنه يكره التحدث عنها...
ألم أقل لكم أمره عجيب!!
كريمٌ حليمٌ صبورٌ غيورٌ، يحب الهَمس المَعسُول، ويَعشق الطّعام المملوح، لكنه لا يجازف أبدًا أبدًا!!
بينما يُحبّ بعض النّاس المُغامرَة التي بلا قيود.
رجلٌ مطيعٌ يضغط على أنفاسه، حتى لكأنه يتنفّس من ثُقب إبرة، لا يصبر على الزّحام، وإن فقد قواه نثرَ كل ما بجَعبَته دون أي وعيٍ منه.
يحمل من هموم الدّنيا حمل الجبال، وظاهره عكس داخله تمامًا، يكسو الشّيب رأسه رغم شبابه، يأتيني شاكيًّا، أُهوّّن عليه ناصحةً، ولكن هيهات هيهات يستجيب؛ حتى لكأنني قطرةُ ماءٍ على صخرةٍ صماء، لا تهوى سوى الاستِسلام!
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقا لتشجيعنا على الاستمرار...