اليُتم الشعوري - تسنيم عبداللطيف
كأن يكون المرء متشعباً كالمتسولين في أرجاء هذه المدينة ،ومنزوياً حول نفسه كأشرافها الفقراء .
كأن يجد ذاته مُحاطاً بالكثيرين، ومع ذلك فهو تائه، لا يجد من يرافقه ويخفف عنه وحشة الطريق، ولا يستطيع البقاء مع نفسه منفرداً خشية مواجهة ذاته ورؤيتها وجهاً لوجه دون أنيس يخفف من حدة الموقف.
فما أقسى شعور المرء عندما لا يستطيع الجلوس وحيداً مع نفسه والبقاء على وفاق.فالأمر بمجمله يتجسد في أن يكون المرء غائباً افتراضياً عن إحدى أهم المناسبات السعيدة التي يكون الجميع فيها قد بلغوا أوج سعادتهم،بينما هو مُحبط و وحزين .كمثل ذلك الذي كان وحيداً في وسط الزحام، لا يلحظه أحد تقريباً، ومع ذلك يرى أنه المستهدف الوحيد والأجدر بالتحديق، حاله كحال الذي اقترف إثماً ولم يغادر ساحة الجريمة بعد، فيرى أن الهلاك متجسد فيما إن سُلط عليه النظر من قِبل أحدهم.
وما كان كل ما سبق إلا كوصف موجز عن المرء اليتيم شعورياً .
فأحياناً قد لا يكون اليُتم متمركزاً حول فقدان أحد الوالدين أو كليهما. أحياناً قد يكون بعدم تواجد الأصدقاء الحقيقيين في المحيط، فما أبشع فقدان الأخلاء. أو بانعدام استقرار المرء عند بقائه وحيداً دون أنيس يسامره في ليله الطويل .فما أبشع كلا الاحتمالين.
فعن ذلك سبق وقال أحدهم ذات مرة : لقد حلمت أن يدي اليمنى قد بُترت، ووقت ذاك لم يكن في اليد حيلة فلم أستطع المراوغة والحفاظ على يدي، فبرغم جميع محاولاتي لتفادي الموقف إلا أنها قد باءت بالفشل وغدوت بلا يد. فقد استيقظتُ مفزوعاً، مكتئباً من هول ما رأيت في ذلك الكابوس اللعين .
فحسمت أمري وبدأت التدرب على استخدام يدي اليسرى كمواجهة لأي طارئ مستقبلي.
فمر شهر وتلاه آخر ولم تُبتر يدي بعد، ولكن الذي حدث هو أنني فقدت صديقي. فيالخيبتي عندما أصبح خيالي حقيقة، ويا للأسى كم أن الأمر مؤرق حينما يعتاد المرء أحدهم ثم يختفي .وتباً كثيراً لك يا وليفي فقد سبق لك وكنتَ سلواني،فما بالك الآن أصبحت عزائي؟
فرغم الهزيمة التي راودتني، إلا أن لذة النصر هي الطاغية هذه المرة، وليس الحزن بسبب فراقك.
💔😪
ردحذف