لكَ أنت ليس غيرك - آية الطيب

 


عليكَ إن تُقدِم الإعتذارات لنفسك في كل مرةٍ حمّلتها مالا تطيق، في كل مرةٍ جرعتها ويلات الخيبة، في مشاعرك التي تستنزفها، ومجهودك الذاهب هباءً في سبيل إرضاء من حولك، في مزاجك المتقلب، عليك أن تقدم لنفسك باقةً من الورد نيابةً عن كل الذين أذوها، وردًا مملؤاً بالحبِِ والإمتنان،فهذه النفس لها عليكَ حق ومن حقوقها أن تمنحها الطمأنينة، ولكنك ماذا قدمت لها بالمقابل؟! 

أريدك أن تحدثها قائلًا: 

أيا عزيزتي نفسي بربكِ فلتسمعيني...

 لقد مررتُ بالكثير من العوائق، وتصهينت تلك الصعاب في أعماقِ قلبي فجعلتهُ محتلًا بها، لقد اقتلعت تلك المباني الجميلة فيه، وسرقت كل ماأملك، فـلم تكتفي بذلك فقط؛ كانت في كل مرة تحاول قتلي، وكنت أتوارى منها، وكلما هَلّمَت إلي كُنت أحمِل حُفنةً من التراب وأدفنها، وبعد أن أستعيد نفسي اللاهث أعود لأرى بلدتي التي تتحطم، فبلدتي هي قلبي، أراه يتهشم، أبحث عن منزلٍي ولكني أتلفت يمينًا وشمالًا فلا أجدُ سوى أرضٍ جرداء، ملامحها كالصحراء، وإنني كنت في كل مرة أبني بيتًا ليؤيني، وألملمُ فتات الخبز فأسدُ به جوعي، وأركض لاهثًا لعلي أجد قطرة ماءٍ أروي بها ضمأي، فأستعيدني رويدًا رويدا، وأما الشقوق في قلبي أُجبِرها بنفسي، فكلما إزدادت ألمًا تلوت عليها بضعًا من أياتِ الله،وإذا بها تلتئم؛ فأعود كما كنت، إنني ياعزيزتي نفسي هيهات أن أنكسر أو أُذل، ولكنني حملتكِ ثقلًا شديد؛ أنا من سمحتُ للمُحتل أن يسكن أرضي،سمحت لتلك العوائق أن تكسرني، اسكنتها في منزلي، حضنتها في مضجعي، أنستُ بها في عُزلتي، فكانت تدمرني، وكنت ألاحقها دون وعي، سلبت مني الكثير ولكنني قدمتها عليكِ! 

أيا نفسي لله درك كم أنتِ صبورة! 

لله درك فقد تحملتيني!

فلتقبلي عذري الصغير، ولترحمي ضعفي، فإنني وعدًا بكِ سأعتني، وإن أهملتك مجددًا رجوتك بالله ألا ترحمي.



منشور من العدد 41 لمجلة منشورات الواحة

 Instagram: man

shurat_alwaha

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محمد الشريف.. العالِم الطيار - السيد سين

فماذا أقولُ ياقُدسي - سارة سامي