كنتُ أرى العالم من عينيكِ - شرشبيل

 



نسيتِ من أكون بعد عودة حياتُكِ إليكِ، قلبكِ لم يعد يفرح عند رؤيتي، ألا تريدين معانقتي قليلًا! هل تفكرين بي يا وعد! أيعقل أن تفكرين بي وأنتِ في حضن حبيبكِ الآن! أنتِ أول امرأة قالت لي أحبكَ، فأحببتكِ دون شروط وبلا تفكير، أحببتكِ كالعطشان، كالمجنونِ، كالمسحور، كالتائه، كاليتيم، أحببتك وحيدةً، مكسورة، ومحطمة بلا أملٍ في عينيكِ، أحببتكِ عند رحيلكِ، عند فرحتك، عند ضعفكِ، وعند بكاءكِ، أحببتكِ ليل نهار، سوى كنت وحيدًا أو مشغولًا، أحببتكِ بالحب، بالموسيقى، بالصمت،

 بالحرف، بالبكاء، بالصراخ، بالنظر، بالإحساس، بالذل، بالجنون، بالكذب، بالصدق، بالخيال، بالذكرى،

 بالسهر، بالنوم، بالدومع، أحببتك في البرد وفي الحر، في مدينتكِ وفي قريتي، في الضوء وفي الظلام، أحببتكِ حتى بعد نسيانكِ، بعد حبي لغيركِ، وبعد كسر قلبي بيديكِ، أحببتكِ قبل أن انام وقبل أن أستيقظ، قبل سعادتي  قبل مستقبلي، قبل الجميع، وقبل القريب، قبل الغروب، وطلوع الشمس، وقبل حرف الألف، أحببتكِ عندما مُت، عندما خُطبتي لغيري، عندما مررتِ من أمامي ولم تنظري إلي، أحببتكِ عندما ناديتكِ ولم تلتفتي، وعندما أحبني الكثير أحببتكِ أنتِ فقط، أحببتكِ وشاخ قلبي، وانقطع صوتي، أحببتكِ وأنتِ بحضن ذاك الرجل، أحببتكِ وكرهتُ كل شيء، أحببتكِ وكرهت الوطن، أحببتكِ ولم أخجل ولم أنكر، ولم أنسى، ولن أعقل، ولن أسمع من أحد، فقط أحببتكِ.

 

تذكرين عندما كنت جالسًا على مدرجات الطابق الثاني للجامعة، كنتِ تنظرين من أسفل وتخطفينني كالموت، حتى وأنا في مكانٍ مرتفع كنتِ تُطريحين بي أرضًا! 

 

"لا تنسي أن تأخذي لي ماء أيضًا أيتها السلطانة"

 

كانت مشيتك كالسلاطين تمامًا بل كانت أجمل من ذلك، أنتِ قمرٌ، ماذا يفعل القمر هنا وفي الحرم الجامعي!

 

بعثتي ردكِ على رسالتي وقلتِ: حاضر انتظرني مكانكَ. 

 

انتظرتكِ كثيرًا كان الهواء يخنقني، معركةٌ بين أصابعي بدأت ولا تنتهي، وقدمي تهز الأرض من طقطقتها على البلاط، وأخيرًا خرجتي من البوفية، تلك المشية لن أنساها أبدًا ووصفها مستحيلٌ لصانع الحرف.

 

أنا كنتُ كعادتي في عكس الأشياء، كنتُ فقط أضحك بشغف يملأ فراغ الكون، ماذا كنتِ تتحدثين نفسكِ وأنتِ تصعدين الدرج، أعرف كنتِ خائفة مثلي؛ فذلك أول لقاء لحبنا، كنا نتقابل ونتحدث أعرف، لكن كل مرة أراكِ فيها أقع في حبكِ وكأنني أخلقكِ من جديد، وقفتي أمامي وأنا جالس بمقدار خطوة فقط، لم أتحرك فقط كنت أنظر لكِ وأبتسم تحولت ضحكتي تلك إلى ابتسامة، أراهن أن تلك أجملُ ابتسامة في حياتي كلها، مددتي لي كيس الماء لم أكن قادرًا على تحريك يدي لسوء حظي فقد قيدتني نظراتكِ تلك ووقفتكِ الساحرة. 

تركتي كيس الماء بجواري وصعدتي، تركتيه بطريقة غريبة هي أغلبُ إلى الحب أو السحر، أنتِ الحب 

يا وعد، حركتكِ حب، ضحكتكِ حب، ومشيتكِ حب، وقفتكِ حب، سلامكِ حب، سؤالكِ حب، جلستكِ حب، وعيونكِ حب، حتى الذي تلبسينه حب. 

 

_: آسفه والله، خلص العصير في البوفية ما حصلت 

إلا مي سامحني.

 

ضحكتُ، ثم ضحكتِ ضحكت دون صوتٍ بجنون.

معهم حق يا وعد إن قالوا بأنني غبي أو جاهل، فأنا طفلٌ في حُبكِ يا وعد. 

تعرفين لماذا ضحكت؟ كنتُ أعبر عن فرحتي بكِ، فكيف لفتى ريفي أن يرى ذلك المشهد ولا يموت

 

كان يجب أن أموت حينما ضحكتِ، ولكنني كنت قويًا قليلًا.

كيس الماء ذاك كان يجب عليَّ أن أشق صدري وأملئ قلبي به.

 

جرعة الحب تلك كانت كثيرة على قروي مثلي، جرعة كبيرة من الحب أن تسلمي عليَّ عند رؤيتي، جرعة زائدة من الحب على مثلي أن تنادي باسمي وتتحدثي إليه. 

أن تقولي كيف حالكَ لقروي هذا يعني أن قلبه سوف يدق في الدقيقة مائة وعشرون دقة.

أن تقولي لماذا لم تحضر بالأمس لريفي لن يستطيع أن يجيب لك يتلعثم لسانه، حينها فقط سترين دخانًا يخرج من قلبه، يظن أن الحب في كله كلمة، ويرى الحب في كل من ينظرُ إليه. 

 

كم نحن ساذجون أليس كذلك يا وعد؟ في أول شهر لي في الجامعة تشتتُ كثيرًا، كتبتُ قوانيني الخاصة كي أنضبط.

كان أحدها ألا أتحدث مع أي فتاة في أي شيء. 

أعرف نحن ساذجون كثيرًا وأغبياء أيضًا ولكن هذا هو الحال، يضحكون على الريفي ومحقون في فعل ذلك، فكم نحن ساذجون يا وعد. 

 

حاولت تشخيص الحالة فوجدتُ نقصًا كبيرًا في العاطفة ونقصٌ في الثقافة، وسبب ضعف الارتقاء

 والرقي هو حياتهم البسيطة يُظهرون ما في قلوبهم بسهولة، جميل، وفي نفس اللحظة هو شيء مذموم.

 

أما أنا يا وعد فقد كنتُ قويًا، كانت دعوات أمي تلاحقني دائمًا وتربية أبي تسندني في كل عثرة، وكل

 ما همت نفسي في شيء أهرب إلى هنا فأكتب.



منشور من العدد 41 لمجلة منشورات الواحة

 Instagram: manshurat_alwaha


 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محمد الشريف.. العالِم الطيار - السيد سين

فماذا أقولُ ياقُدسي - سارة سامي