حال الأمة - أفنان حسين


هل الأمة راضية عن حالها في هذا الزمن وهذه الحقبة خاصة؟

تشتكي من سوء كل شيء، من الحروب والتفرقة إلى ضياع الأفراد لأوقاتهم وغفلتهم، ماهو حال الأمة اليوم؟ أمةٌ غافلة متهاونة، مشتته تفرقها أطماع وأحقاد تزيدها تجزء، جاهلة عمن تكون وماهي واجباتها وحقوقها، انشغلت بالتفاهات والملهيات والسعي للرفاية الزائفة، تنقاد وراء الأعيب تفرق مابين أفراد المجتمع والعائلة، همها الأول إرضاء النفس مهما كانت الوسائل، الطمع والكراهية والنفاق نشروا القتل والخصام في كل منزل وقرية ومدينة، إنعدام للوعي الديني بالحق والمجتمعي الضابط.


﴿بَلِ الإِنسانُ عَلى نَفسِهِ بَصيرَةٌ﴾


ما أسباب وصول الأمة لهذه الحال؟ سماحها للأعداء بتغلغل كسمٌ زعاف يهاجم الأعضاء الصغيرة لينهك الكبيرة، بتهاونها في شؤون أديانها، وحدودها، ووحدتها، وخضوع وأنقياد وراء أطماع الدنيا الفانية، أمة تضيع أوقتها فأضاعت حياتها وهويتها، تقضي ساعات في التصفح بلا هدف والتنقل بين الإباحية والمجون واللعب والتواصل والثرثرة، ومشاهدة القنوات وتتبع أخبار الناس والمشاهير وتقليدهم، كثر النفاق واليقيل والقال وبث الفتن والبغضاء والحسد والتفرقة وحبك المكائد والعراقيل ذات البين، أطماع الدنيا تعمي بصيرتها عن واقعها المتهالك لا تقنق بكثير ولا قليل لا بالحلال ولا بالحرام، تسفك الدماء تنتهك الأعراض وتتستر على الظلم وتشهر بالخطأ، كثر الخبث والفساد في مجتمعاتها، كيف لأمة أن تنجو من مستنقعاتها الموحلة وهي تجر نفسها كل يوم للأعماق، الآباء متغافلون عن أعمال الأبناء وشذوذهم البسيط الذي يأدي لفسادهم الشديد وهلاكهم، تسلط عليها عدوها ففرق بلدانها ومنازلها، زرع الطمع والكرايه بين البلدان ويدمرها ويشطرها، يفقر بين أهلها بين الأخ وأخيه وأبيه واختة وأمه وجاره، لم يسلم فرد في مجتمعاتها من تجرع سموم الحاقدين المميته ببطء، والترياق في أياديهم، كيف لأمة أن ترتقي وتتحرر وأفرادها ساخطين ضائعين مشتتين، لايعرفون من الدين سوا عبادات ومظاهر ومرائاة أمام العالم، أي أمة أصبحت في هذا الزمان مسلمة تتشدق بالدين ومظاهره في العلن، وكافرة فاسقة ماجنة في الباطن، لا تنتمي للعروبة بشيء سوا بالأقوال والكلام الفارغ، لا تعمل حتى بالكلام كما يجب أن يعمل به، لن يتغير حال الأمة ولن تستجاب دعواتها وصلواتها طالما همُ أفرادها إرضاء أنفسهم وأشباع طمعهم، لا يفكرون بقضايا الأمة ونكباتها ومجازرها إلا عند مشاهدة الأخبار.

 كيف لنا أن نحلم بتحرر الأقصى وتوقف الحروب على أمتنا العربية عامة والإسلامية خاصة، وكل فرد منا لا يلتزم حتى بواجباته وتعاليم ربه البسيطة إلا من رحم ربي، نحن أمة نجهل الدين ومن نكون لدرجة إن العدو يستغل جهلنا ليفتن فيما بيننا ويبعدنا عن بعضنا بكل وسيلة، لنتهاون ولا نفكر بشيء يبني الذات والمحيط فالمجمتمع فالوطن فالأمة، نستيهن بأنفسنا فهنا وهانت معتقداتنا وأخلاقنا وقيمنا، كلما أبتعدنا عن تعاليم ديننا جهلنا العزة والوقار الذي يمنحه. 

غفلنا فبتلينا بعدوٍا لا يرحم وكلما تمادينا في الغفلة والتهاون زاد بطشه وأشتد علينا البلاء الذي لن يرفع إلا بتوبه ويقين بالله ورضًا بقدره المعلوم. 

إن محمد بن عبدالله، وعيسى بن مريم، يخجلون من أمة هذا الزمن التي أرخصت نفسها وباعت نخوتها وعزتها وتخلت عن شعوبها وأراضيها ومقدساتها وهويتها، وتسكت عن حقوها وتتجاهل دمائها التي تسفك والالاف من الأرواح التي تزهق كل يوم في كل أرجاء العالم، يشوه صورهم ويطمس هويتهم، إنقلبتم من أبطال لإرهابيين، من أحرار لأسرى، أي عرب وأي أمة أنتم، ستخجل الأجيال من ذكر أيامكم وحالكم. 

أنت مسلمٌا مسلم، وعربيٌا عربي، أنت من قادة العالم ومحرريه وناشري العلم في أقطابه، لولاك ما وصل العالم لما هو عليه من رقي وتطور في كل مجال علمي وأدبي وطبي فأنت الأساس للعلوم والتقدم، عد لله وستشعر عضمة من أنت بحق وأكتشف قدراتك ومكانتك بين الأمم. لا تتفاخر بالأجداد، فأجدادك ملكوا العالم في الوقت الذي لم يكن لهم وجود، واليوم أصبحتم دمى تتلاعب بها أيادي من لم يكن لهم قيمةٌ بين البشر، ياللعار والخزي أن تنزل من عرش ملكك لتنصب عليه الخادم وتسمح له أن يستولي على حياتك وممتلكاتك ومعتقداتك، ثم تسعون للجهاد ووأنتم لاتعرفون منه سوا اسمه، تجهلون إن الجهاد يبدأ بجهاد النفس وقمعها وتهذيبها وتحررها وأصلاحها، بعدها يبدأ الجهاد والوفداء لأجل الوطن والأمة وتحررها مم هي فيه، أصلح وحرر ذاتك ثم ستخضع العالم إن شأت. 


ماهي الحلول؟ نريد أوطان أمنةً وسلام،  نريد رخاء في العيش، نريد أرتقاء الأمة وصلاح الأحوال ونجاح أنفسنا وأولادنا. 

لنرجع لله ونتفقه ونتلعم، لتتوحد قلوبنا ونصفيها ونصلح نوايانا، لنسير في الطريق الصحيح الذي بينه الله، نلتزم بتعاليمه في كل أمورنا كبيرها وصغيرها، نتشرب ثقافتنا المنسية، ننتزع أشواك المذاهب والتحزب والخلاف والتفرقة، نوحد كلمتنا وقلوبنا، ولا يهم توحد الأرض المجزئة،فليبقى كل مسؤول على كرسيه ويسعى لأطماعه، ويسخرها لقضايا الأمة ونصرتها، لنوعي أنفسنا ومجتمعاتنا بمحاسن ومخاطر زمننا، ونهتم بديننا ومعتقداتنا وبلداننا وبأمورنا ونعطيها قيمتها كيلا تهون عند غيرنا، لنتعلم ونعرف كل مايخصنا لتنغلق كل الثغرات لتسلل الدمار لمنازلنا وأمتنا، نحن الأفراد إن صلحنا صلحت عوالمنا ولا نستهن بأنفسنا فأن تكون واحد من المليون خيرٌا من أن تكون لا شيء.


منشور من العدد 41 لمجلة منشورات الواحة

 Instagram: manshurat_alwaha

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محمد الشريف.. العالِم الطيار - السيد سين

فماذا أقولُ ياقُدسي - سارة سامي