تلاشى الجسدُ بالرُكام - عديلة المسعدي
أغمضتُ عيناي تلك اللحظة، وقلتُ لعلهُ يكون مجرد حُلم وحين فتحتهما لم يكن حُلم ! تمنيت حينها لو أنه حلم، فقد كنت أسمع أصواتًا تتعالى و صرخاتٌ تتوارى وأصواتُ صافرات الإنذار تتعاظمُ لموتٍ قادم لا محالة، وكان الحر الشديد يكسو المكان، أصبح المكانُ مخيفًا لدرجة أنْ تكونَ ميتًا وأنت ما زلت على قيدِ الحياة، كنتُ أظنُ أنَّها مجرد تُرَّهات كما أعتدتُ ما كان يفعل بي صديقي، في هذه اللحظات تشابكت أفكاري، وهانت قِواي، فقد كانت تمر الساعات عليَّ كـ السنين العجاف، أخذت نظرة سريعة لمَا حولي، فرأيت الرُكام ساد المكان، يا إلـهي، إنَّ المنزلَ الذي كنت أقطنه أصبح قبري ! في هذه الأثناء توارت في مخيلتي تلك الذكريات العبقة وتلك القهقهة الصاخبة، وتلك اللحظات السعيدة التي اندثرت معي في هذا الرُكام، و الآن بقلبٍ مقبوض، و رجفة متوتُرة، و هواجس مخيفة، ورعشة تسود كاهل جسدي، و خوف ما بين ماضٍ جميل يحمل في طياتهِ تلك اللحظات الأخيرة، التي تسمى لحظات ما قبل الموت، و حاضر يُحاصرني فيه الموت من كل حدبٍ، و ما بين أمنياتٍ تحققت وأمنياتٌ لم يترك لها الزمن متسع من الوقت لتتحقق، هأنا الآن من تحت سراديب الأنقاض المظلمة، التي تكتظ بالغبار، حينها اندثرت جلّ أمنياتي المتبقية
و لم يعد بيدي سوى الدعاء لنفسي، حينها تذكرت للوهلة الأولى حبيبًا لي كان قد عاهدني على البقاء معًا أو الموت معًا، وهنا تنساب الدموع متواكبة من مقلتيَّ لتحرق وجنتيَّ بنارِ الشوق، والآن و بعد كل تلك المشقة والعذاب، تستسلم روحي و تخورُ قواي وتخرج الروح من الجسد، و يبقى الجسد تحت الرُكام.
منشور من العدد 41 لمجلة منشورات الواحة
Instagram: manshurat_a
lwaha
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقا لتشجيعنا على الاستمرار...