المشاركات

عرض المشاركات من يوليو, 2022

العدد 27

صورة
  مقدمة  زبيدة المغربي بسم الله الرحمن الرحيم.  أهلا بك عزيزي القارئ في بلد أكلت الحرب منسأة أكباد أبنائها، ودمت بخير أينما كنت وإن كانت روحك مثقوبة تنزف منها الجروح بغزارة! أعد إعمارها بالقراءة؛ فإن أوهن الأمم: أمة لا تقرأ.  ورممها بالكتابة والإبحار بين السطور؛ فإن الكتابة صوت لمن خرس فمه، وجناح لمن بَترت الحياة جناحيه.  في زمن كثُرت فيه المواهب الموؤدة، والقدرات الغارقة في وحل الإهمال، نسعى جاهدين أن تكون مجلة الواحة هي النور الذي يحقق من خلالها كل ذي حلم حلمه ونتمنى لكم قراءة ممتعة.... . . . العدد 27 من مجلة منشورات الواحة...  الرئيس التنفيذي: فهمي عبدالمعز. رئيس التحرير: عبدالحليم الحداد. فريق  الإعداد: - بليغ الطيار. - سفيان باوزير. - أنيسة سامي. - علياء القسامي.

رِهانٌ خاسِر - عبد الله محمد الجوفي

صورة
    كانت ليلة باردة، تلك الليلة التي اجتمَعت فيها الأُسرة المُكوّنة من الأم الفاضلة وابنها عبد الله وابنتها ليلى، وذلك بعد أن فرغَت الأمّ من صلاة العِشاء، وأنهَت ما تبقَى من أعمال المنزل، وأحضرَت مَوقدًا للتّدفئة، فالتفّت حوله الأسرة الصّغيرة، وكان حنان تلك الأم يصل دفؤُه إلى أفئدة طفليها قبل دفء ذلك الموقد، فينعكس ذلك سرورًا وبهجةً عليهما، كانا يَمدَّان أيديهما نحو الموقد وهما مسروران ويحاول كل واحد منهما أن يكون له السّبق في إبقاء يديه مدّة أطول أعلى مَوقد التدفئة، وكانت الأم تنظر إليهما بسُرورٍ مُتناسيةً مُعاناة حياتها اليَومية فكانت كل حركة منهما تُبهجها وتُنسِيها هموم الغد القادم الذي لا تتّضح ملامحه، كان الدّفء الأُسري أثَرُه هو الغالِب، وكان هو القاهر لشتاء تلك الليلة القارس بردها. وبينما كانت الأم مُستمتِعةً بسماع أعذب الألحان المُتمثّلة في أصوات طفليها، وهما أكثر استمتاعا بأُنسٍ تَبثُّه أمهما حولهما من خلال نظرات السُّرور المُعبّرة، والابتسامات اللطيفة التي ترسلها نحوهما، تدخل في الوسط صوت غريب يوحي بوجود شيء مُريب، فأشارَت الأم إلى طفليها مُوحِيَة لهما أن يَنصِتا، فل...

سيَستَجيب! - علياء القسامي

صورة
كلمة يلمؤها الأمان والطّمأنينة، يملؤُها الأمل والنّجاة. ليسَت أمرًا بل هي راحة وسعادة لأنّنا بعد الدّعاء سنُجبر. هو القائل: "ادعُوني أستَجِب لكُم"، لم يقل فأستَجيب لكم، ولم يقُل سَأستجِيب لكُم، بل قال 'أستجِب'، ما بعد الدّعاء الإ الاجابة. عندما تَقتل الحياة أشياءً في نفوسنا نلجأ للقَول 'يا ربّ' دون تفكير ودون استِيعَاب، فِطرتُنا تقول لنا: "نادوا من بيديه أمركم، حزنكم وفرحكم، سعادتكم وشقاكم. اللّهُ ما ألهمَنا الدعاء إلا لأنه سيَستَجيب. أتذكّر أني في إحدى المرّات ضاق بي عالمي وضاق حالي حتى من أقرب الناس حولي. فوجدت يداي تَرتفِع وقلبي يدعو بلَهفةِ الباحِث عن الجَبر.  وبدأتُ بتَرديد دُعاءٍ لا أعلم متى حَفظتُه أو متى قرّرت أن أدعو الله به، وبعد لحظات شعرتُ بالطُّمأنينة وكلّي يَقين بأن الذي فتَح لي باب الدّعاء سيفتح لي باب الإجابة. لطالما كان الدّعاءُ المُنقِذ الوحيد حين نعجَز عن البَوح عمّا في صُدورِنا.  كان الصّديق الذي حالما نشعُر به تأنَس أرواحنا. عندما نتعَب نُردّد دُون مَلَل: 'يا الله!'. حين نمرض نَمُدّ الأكُفّ: 'يا الله!'. حين نتُوه وحين ...

اليُتم الشعوري - تسنيم عبداللطيف

صورة
   كأن يكون المرء متشعباً كالمتسولين في أرجاء هذه المدينة ،ومنزوياً حول نفسه كأشرافها الفقراء .   ‏كأن يجد ذاته مُحاطاً بالكثيرين، ومع ذلك فهو تائه، لا يجد من يرافقه ويخفف عنه وحشة الطريق، ولا يستطيع البقاء مع نفسه منفرداً خشية مواجهة ذاته ورؤيتها وجهاً لوجه دون أنيس يخفف من حدة الموقف.   ‏فما أقسى شعور المرء عندما لا يستطيع الجلوس وحيداً مع نفسه والبقاء على وفاق.فالأمر بمجمله يتجسد في أن يكون المرء غائباً افتراضياً عن إحدى أهم المناسبات السعيدة التي يكون الجميع فيها قد بلغوا أوج سعادتهم،بينما هو مُحبط و وحزين .كمثل ذلك الذي كان وحيداً في وسط الزحام، لا يلحظه أحد تقريباً، ومع ذلك يرى أنه المستهدف الوحيد والأجدر بالتحديق، حاله كحال الذي اقترف إثماً ولم يغادر ساحة الجريمة بعد، فيرى أن الهلاك متجسد فيما إن سُلط عليه النظر من قِبل أحدهم.   ‏وما كان كل ما سبق إلا كوصف موجز عن المرء اليتيم شعورياً .   ‏فأحياناً قد لا يكون اليُتم متمركزاً حول فقدان أحد الوالدين أو كليهما. أحياناً قد يكون بعدم تواجد الأصدقاء الحقيقيين في المحيط، فما أبشع فقدان ا...

على حافةِ الأمل - حسينة المعمري

صورة
 ‏على حافة الأمل بُني هنالك المستحيل وصُنع، على حافةِ الأمل هُنالكَ فجرُ يومٍ جديد تجلى بعد اليأسِ الشديد، على حافةِ الأمل هُنالكَ ثُقب نورِ يُضيء وسط ظلامٍ شديد، هكذا هو الأملُ ياسادة نبني به كلَ شيءٍ نُريده نعم كل شيء نُريده لا تقل هذا مستحيل وذاك مستحيل فستظل نظرتُكَ قاصرة على كل شيء حولك.   لا تستسلم ولا تدع اليأس يُدمرك قاتل بكل قواك من أجل ما تُريد، فإذا تقدمت نحو ماتُريد من أهدافك في هذه الحياة ورأيت أنها ستكون مُستحيلة فلا تقف بل حاول إلى أن تصل إلى غايتك.   ‏لاتقل: سأفشل. حاول حتى لو فشلت فالفشل بداية النجاح نعم بداية النجاح.. فبه ستتعلم من أخطائك وستُصلحها وتتقدم خطوة نحو هدفك وحتما بعون الله وثقتك به ستصل.   ‏لكن وأنت تعبر الطريق نحو تحقيق هدفك ستواجه كثيراً من الصعاب ليست من صعاب الحياة فحسب بل صعاب من بعض أولئك الحمقى من البشر من الحاقدين والحاسدين لكن لا تكثرت لهم واصل السير نحو هدفك أثبت لهم بأنك تسير وكلك مليء بالأمل وأنك ستُحقق ما تريد وبعون الله لابعونكم أنتم البشر.  ‏ عند وجود نقطةٍ بيضاء من الأمل في وسط صحيفةٍ سوداء لايُرى منها...

اللسان البذيء والفاحش - رشا هشام

صورة
  إن ما دعاني للكتابة في هذا الموضوع هو انتشارهُ بين بعض مجالس شباب اليوم ناسين أو متناسين الأحاديث النبوية وآيات الله سبحانهُ وتعالى الكثيرة التى تنهى عن هذا بل وتأمر باختيار الألفاظ الحسنة والطيبة كقوله تعالى في سورة الإسراء {  وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ  عَدُوًّا مُّبِينًا }  وقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم :(ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء)   فمن المؤسف حقاً بل والمقزز جداً أن تجد نفسك بين تجمعات من الأهل والأصدقاء والزملاء الذين لا تخلوا أحاديثهم عن دس سم الكلمات الفاحشة والبذيئة بين المواضيع وقدرتهم الإبداعية في تحويل المواضيع إلى اتجاهات فاحشه مغايرة، وكأنها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من أحاديثهم تزيد من سيئات قائلها وتعرضهُ إلى التهلكة في الآخرة دون علمه كما قال نبينا محمد صل الله عليه وسلم ( وهل يكب الناس على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟!) فما أود قوله الآن حيال هذا الموضوع هو إن وجدت نفسك بين تجمعات من الناس الذين لا تخلوا أحاديثهم...

الراعي الضحية - أنوار خالد

صورة
صباح الخير لشمس الحياة الجميلة، هذه التي تُطل علينا في بداية كل يوم لتعلن الخلاص من الأمسِ بكل ما احتواه، صباح البدايات التي أعشقها والحب الذي ينثره اخضرار حشائش الربيع وعبق رائحة زهور الفل والمشموم، صباح الأحلام التي تغمرني وتجعلني مستمرا بشظف العيش وتدفعني لأمضي قدمًا رغم وعثاء الطريق وصعوبة الحلم في بلاد تعمّها الحروب ويسودها الأسى إثر المنازعات التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل.  لكنّي مؤمن بأن الأحلام ما خلقت إلا لتتحقق ومازرع الله فينا حب شيء إلا وهو يعلم بأننا سنناله وإن كان بيننا وبينه أمد بعيد..  أما عني فإنّي ممتلئ بالأحلام والشغف لتحقيقها ونيلها، وربما لستُ أهلًا لذلك وقد يقول البعض أنني مجرد راعي أغنام، أقضي معظم وقتي برفقة الحيوانات - وثيابي الرثة خير دليل- وبدلًا من أن تفوح مني رائحة العطر تجدني أشم رائحة البول والغائط، ولأكون صادقًا مع نفسي قبل الجميع ذاك الرأي لا يؤثر بي قيد أنملة وحديث الناس لن يجدي بي نفعًا ولن يوقفني عما أنا ماضٍ في دربه، أما وقد أشعلت شرارة الإصرار فلا مجال لليأس وتحطم الآمال.. هكذا ...

عمـر من ندم - إيناس البرطي

صورة
  يتسلل الفجر من زجاج النوافـذ بهدوء. الجميع نائمون وهو في شرفة منزله ينتظر وصول ابنه البالغ من العمر عشرين عـاماً. يحمـلق في الأفق و بين يديه مصحفٌ مغلف بالتقوى وملازمة الذكـر. المسبحة التي بجانبه انتهى الليل مع حباتها الصغيرة. لا زال ينظر بعيداً ينتظر ابنه العائد من عرس صديقه، يود أن يصلي الفجـر معه ولكنه يتفاجأ أن ابنه نائم في غرفته بعد ليلة طويلة من اللهو والسهر. يحاول إيقـاظه لصلاة الفجر لعله يستمع له، بني : انهض، قم وصلِ الفجر ثم عاود النوم، لاتنم دون صلاة. يستيقظ الابن وفي عينيه حمرة السكران و حمم من الغضب، ملوحا بيده لأبيه أن يخرج من الغرفة وكأنه يريد قتله لو لم يكن ذلك الشخص أباه ! يضع الوالد النقود بجانب رأس ولده الصغير كمصروف ليومه التالـي، ثم يمضي خارجـاً من الغرفة . إنها ساعة الظهيرة،  الشمس في كبد السماء ولكن أكباد العائلة مفطورة، الحرارة في أوج قوتها ولكن القلوب احترقت لمصابها. السماء قد آذنت بالسواد ولكن العيون أصابها العمى! يستيقظ الابن وهو يصرخ وينهر أهله، ماهذا النواح!؟ ألا تعرفون كيف تهدأون ليوم واحد؟!  ـ لقد رحل أبوك يا عمر! ـ لا تقلقي، لعل ضغطه ارتفع...

هزني الغصن - البروفيسور الصغير

- اليوم مررت من طريق قديم لم أمر منه آخر السنوات. - ولكن اليوم مررت به وقد تغير الكثير عن الأمس البعيد. - تذكرت تحدينا أنا وأصدقائي " .... ، .... " على من فينا الأطول قامة ومن سيصل لغصن الشجرة المتدلي. - كنت دائماً أخسر ذلك الرهان، أما اليوم مررت بـ " حماس، شغف، تأهب للفوز لا محالة " وسرعان ماتذكرت أن المنافسين قد أصبحوا تحت الثرى، تلفهم الأكفان، تحتضنهم اللحود. -  فكرت في نفسي، أليس من العدل أن نقيم اليوم الاختبار؟ ولكن هناك صوت خافت يهمس من أعماقي أليس من العدل أن يتم توفير احتياجات شاب لم يبلغ ثماني عشرة سنة لكي يغنيه عن الذهاب إلى جبهات القتال ومعارك سفح الدماء؟  - أليس من العدل أن يتم توفير مصدر دخل لشاب لم يبلغ سبع عشرة سنة لكي يغنيه عن الذهاب إلى أعماق البحار وكل جهده وحلمه "بناء غرفة" ؟ - هل أحلامنا صعبة ؟ أم جاءت في زمن لايعطيك خيارين؟ خيار واحد وهو الموت؟ - اللهم لا اعتراض على قدرك، ولكن هذا ماهزته فيني أغصان تلك الشجرة.

يمن سعيد - أسماء خالد

صورة
-تعال يا صديقي، استمِع لي! - أستمع لماذا؟! - لقصّة جميلة عن مدينة جميلة تُدعى اليمن السّعيد. - حقاً!!! - أجل، سوف تستمتع، ولكن لا تُقاطِعني أبداً... - حسناً أنني أستمع... - كانت يمننا السّعيد من أكبر الدّول المتاجرة بالبن واللبان والخناجر والعاجيات، كانت تتمتّع بثروات كبيرة وتتحكّم بطُرق التجارة البرية والبحرية ٳضافة لذلك كانت ذات ثروة زراعية وحيوانية كبيرة كانت تسمى ب (ذات الجنّتين) لكثرة مَحصولها الزراعي، تنعم بالخيرات وفيها القصور والدُّور وناطحات السّحاب والقِلاع الشّاهقة والمسَاجِد العَتيقة والمدارس المَعرفيّة والكثير الكثير من المميزات فيها... - ولمَ أصبحَت هكذا ياصديقي؟! - ألم أقل لك لا تقاطعني؟ سوف أكمل لك ما أرويه... أصبحَت اليمن مَطمعاً لكل مُحتل وغازٍ، أصبح شعبها مُتقاعساً عن العمل منهمكاً بالٳعجاب والانبهار بالحضارات الجديدة وانشغلوا بهواتفهم الذكيّة ولم يعُد هناك اهتمام بالأرض ولا بالزّراعة ولا بأمورٍ كان يهتم بها أجدادنا، وتقاعسوا وتوَاكلوا حتى أصبحَ اليمن السّعيد بائسًا، ينعم غيره بخيراته!  قدّمنا التّنازلات تلوَ التّنازلات، أصبحنا نتبع موضاتهم وعاداتهم حتى كدنا ننسى...

غَيم - ريم محمد درويش

في السّاعة الخامسة مساءً، في إحدى شوارع المدينة، تحديدًا في الشّارع الذي سألتقي فيه بها بعد عشرين عامًا. حينها كان الطقسُ باردًا والغيوم متقاربةً مع بعضها ومن شدّة كثر تلك الغيوم تخيلتُها، نعم تخيلتُ محبوبتي التي أطلقتُ عليها ذات يوم اسم غيمة كأنها أتت من تلك الغيوم وبرزَت ابنة هذه السّماء ساطعة، بعينيها الزّرقاوتان كزرقة السّماء التي أراها الآن، فملامح وجهها جميلة، تبدو وكأنها من أطفال ديزني تغزوها البراءة.  لا تمتلكْ غمازة في خديها ولكن ابتسامتها كفيلة كي تجعلني أشرد وأنسى أين أنا ومن أنا. نظرتُ إلى ساعتي لأشاهد كم من الوقت مرّ، فالنّصف السّاعة التي مرت شّعرتُ وكأنها مئة عام ولا تُقارَن بالعشرين عاما التي مضت. حقًا لا تقارن، فخلال هذه السنين التي كنتُ بعيدًا عنها كان هناك أملًا يَشِع داخل ضلعي الأيسر، يخبرني على الدّوام بأنّها حتمًا سيأتي يوم وسنلتقي. ولكن اليوم أشّعُر وكأن الأمل تلاشى والوقت أصبحَ ثقيلًا وضربات قلبي تزداد، أخجل أن يسمعها من حولي. يا له من شوق! يا له من حنين جَعَلَ روحي تعاني والجسد هزيلًا، فتوقفت عن تخيلها وأصبحت أشاهد الناس لعلِّي ألمح طيفها بينهم لعلّي ألمح مل...

شُباط - 1945 - كفى اليافعي

حيثُ الصمت يُغلِّف كلَّ شيء، والشمس قد توارتْ خلف الغيوم، والسماء قد لبستْ عباءتها، مُعلنة بداية المساء، كنتُ أجلس وحيدة في زاوية من الغُرفة، مُتقوقِعة على نفسي فوق مقعد خشبي أحد أذرعهُ قد أكلتهُ دابّة الأرض، لاحَ شبح ابتسامة حزينة على وجهي عندما تراءَتْ لي صورة طفلتي بضحكتها البريئة، التي كانتْ تعبقُ بالمكان كلما فاحتْ من فاها الجميل. عيناها اللّوزيتان اللّتان ورثتهما مني، خُصُلات شعرها المُنسدِلة على كتفيها الصغيرين والتي كانت تداعبها نسمات الهواء يَمنةً ويَسرَة، يداها الصغيرتان التي كانتْ لا تتّسع لحمل كُرتها الزرقاء كل ذلك لاحَ أمام ناظري، حينها أجهشتُ بالبُكاء بشكل هستيري، والذي كنتُ قد توقفتُ عنهُ مُنذُ مُدَّة بسبب تلك الحُقن التي كانت تُعطى لي كلما باغتتني تلك النَّوبة من التشنُّج، وحتَّى دونها، تُحقن بجسدي وسرعان ما تفقدني الوعي! على غير العادَة، كانت المُمرّضة قد نسَتْ اعطائي الحُقنة تلك الليلة التي رأيتُ فيها طيف طفلتي يلوحُ أمامي، وعلى رُغم تعبي خلال كُلَّ تلك السّنين التي قضيتها بين تلك الأدوية التي تجرّعتها رغمًا عنِّي وتلك الحُقن التي كانت تُغرَس بلا رحمة تحت جلدي، إلَّا ...

الاستِسلام - نجاة البكاري

صورة
  شيءٌ ما يَعصِر قلبي، يُسيطر الحزن على حواسي، أعيش في تساؤلاتٍ كثيرةٍ، أتعجّب وأستفهِم:  لمَ لا يُدافِع المرءُ عن نفسه؟  لمَ كل هذا الاستسلام، وما الأسباب لذلك؟ أيعود هذا الشيء إلى ماضٍ مؤلمٍ، وذكرياتٍ خالدةٍ في الذّاكرة؟ أخبرني بأنه يخاف العتمَة والأبواب المُغلقة. أود معرفة المزيد عنه؛ عالمه الذي يسكنه...  أمره عجيب جدا؛ تلك الفوضى والعصبيّة من صفاته: صراخٌ يكتظّ في زوايا منزله، ثم ما هي إلا ثوانٍ معدودةٍ ويصير رجلًا آخر! يحبّ السّلام الذي يتمنّى الوصول إليه. يتعب جاهدًا، يكافح نهارًا، يُحبّ اللّيل بكل ما فيه.  يجد راحتَه حين يلقي جسده المُنهَك على سريره، يُحدّث نفسه عن أمنياتٍ يتمنّاها، عن وجباتٍ عليه القضاء بها. يُحبّ السياسَة جدًّا بل يعشق متابعة الجديد منها، لكنه شديد الحرص على أن لا ينشر أيّ موضوع من هذا القبيل، بل إنه يكره التحدث عنها... ألم أقل لكم أمره عجيب!! كريمٌ حليمٌ صبورٌ غيورٌ، يحب الهَمس المَعسُول، ويَعشق الطّعام المملوح، لكنه لا يجازف أبدًا أبدًا!! بينما يُحبّ بعض النّاس المُغامرَة التي بلا قيود. رجلٌ مطيعٌ يضغط على أنفاسه، حتى لكأنه يتنفّس من ...

الإشَاعَات - بُشرى بشير

صورة
  هل أصبح نشرُ الإشاعاتِ أمرًا مَقضيًا حتى يَتورّط فيهِ غالِبِيَّة الناس؟ بات الأشخاصُ في وقتِنا الحالي يتنافسون على نقلِ الإشاعاتِ والأكاذيب على بعضِهم إما بهدف السُّخرية من الشّخص أو بسبب الحسدِ والغِلّ الذي يُغلّف قلوبهم الحاقدة وشخصياتِهم المَهزوزَة، مما قد يُؤدي هذا التصرفُ الشّنيع إلى الفِتنة التي حذرنا منها الله تعالى حين قال: (والفتنةُ أشّدُ من القتل). حيثُ أنها تُسببُ مشاكلًا بين الأفراد وخِصامات، وربما قد تصل إلى تفكّك العلاقات!  والآن قد تَطوّرت وصارَت تنتقلُ بشكلٍ أسرع على مواقع التّواصل الاجتماعي، وصار من لا يعرفك -إلا من منشوراتك فقط- يطلقُ عليك كلامًا سخيفًا لأول مرة تسمعهُ عن نفسك! وتنتشرُ بسرعةٍ كانتشارِ الرّمادِ في الهواء، والعجبُ في ذلك أن الأغلبية يصدقونها ويتنافسون على نشرها! وقد حذّرنا رسولنا الكريم من ذلك فقال ﷺ:(كفى بالمَرء كذبًا أن يحدّث بكلّ ما سَمِع) رواه مسلم.  أما من الظواهر المُسْتَنْكَرة التي انتشرت بكثرة للإشاعات أن بعضَ "أشباهُ الأصدقاء" بعد أن يدخل سوء الفهم علاقته بصديقه، وتنتهي الصداقة المزعومة يبدأ في نشرِ الأكاذيب، وفضح أسرار صديقه ال...

حبيبتي شوق - نجاة حسين (سيّدةُ المقال)

اللّحظات التي لا تُحسَب لصالحك ما هي إلا نقاط خاسرة بدنيا الأرقام!  أنتِ عدد لا يقبل الخسارة تحت أي ظرف!  أوليت ذكرك أهمية عُظمى؛ كونكِ جزءًا من روحي فلتعتبريها ترقية من  زاوية ما!  كونك زوجتي؛ تستحقين مني سَيلاً عارماً من حروف لا تنتهي أوصافها لا تنتهي بلاغتها مهما كلّف الأمر! تتعجّبين دائما لمَ تكتب لي وأنا بجوارك؟ أبتسم وأخُبرك: ربما من عيوب حظك أنكِ تزوّجتِ كاتبًا لا يَستوعِب كمية المشاعر المُتناثرة بالهواء، ويُقدّس أن تُخلد حروفه ومشاعرة على الورق.  الكاتب يا شوق، لا يُقصي مشاعره علانية، لكنه يشعر بالفخر حينما يستطيع التعبير عنها كتابياً.  وأتمنى يا شوق أن تكوني قارئة نهمة لي وإن لم تكون كذلك فقد غفرت لك.  نويت وصلك حبرًا وجبرًٕا فذاك وصالي.  فاجبري قلبّا شغوفًا بك واستهّلي له كالبدر وسط ليلة دَعجَاء! أعلم قد يستغرب البعض مشاعري الجمّة خصوصاً ونحن بزمن يتلاعب أفراده بالحب، ككرتٍ للنُّضُوج لا أكثر، الحب بوقتنا مهزلة عظيمة يتداولها الشباب كلُعبة مُمتعة يُشبعون رغبة جامحة غير مُستعدة للامتلاء تحت أي بند.  فلتُقدّسي مشاعري فنحن بعالم استهلك ...

روحٌ إضافيّة - أثير عبد الله (دِجْلَة)

وفاء العهد من شيمِ الكرامِ     ونقض العهد من شيمِ اللئامِ  ومن لا يرعَ عهدك في رحيلٍ         فلن يرعى وِدادك في مُقامِ  تصادفنا بصدقٍ في الودادِ        جمالك غامر مثل الغمامِ حسبتُ بأنني في الدربِ وحدي        أسيرُ إلى المعالي في سلامِ أتيتُ إليك يا  خير الرفاقِ        أنرتَ عوالمي عند الظلامِ وكنت الشمس مشرقة بدربي        ونور البدر في ليلِ التمامِ جرىٰ كالنهرِ عذبًا في فؤادي        يلازمني وجودك باحترام قطفتُ الحلوَ منْ ثمرٍ تدلىٰ     على شجرِ الصّداقةِ والوئامِ أَنا الخِلُّ الوفيُّ وإنَّ نفسي     تَفي حقَّ الصَّديقِ على الدوامِ -وزن الأبيات: ليث كلنا نعلم أن الصديق له دورٌ كبير في حياةِ الإنسان٬ خاصةً لو كان هذا الصّديق صَديق دين ومرشدًا للصلاحِ والفلاح. في دروبِ الحياة، المرء يحتاج إلى روحٍ أُخرى تُسانده وتؤنسهُ وتشدّ أزرَه. كل إنسانٍ عليه أن يتحرّى اختيار صديقه. الصداقة ليست مجرّد كلمةٍ تُقال٬ ولا حديثًا ...

رِسالة نازِح - أمل السيد

صورة
( خبزُ الغربة) ستَعلم كم هو مُرٌ خُبز الغربة، وكم هو شاقٌ تَسلُّق سُلّم الآخرين، عيناهُ طافحتانِ بالدّمع، ووجههُ غيمٌ تلعبُ بهِ الرّياح. السّماء مُتجهِّمة، والبحر هائج، السّفينةُ تتهيّأ للرحيل... هي لحظةٌ من الزمن وينقطع ما حاكَتهُ السّنون من أسلاكِ الحب في حنايا الضّلوع. وحول النازح باقةٌ من خِلّان أتوا للوَداعِ الرهيب! الصمتُ يكاد يكون شاملاً إلا من تلك الأنفاس المُتقطّعة، الكلماتُ تختنقُ  في الحناجر، العيونُ أعجز من أن تتلاحظ، بل هي تتسارَق النظرات ثم تتحسّر وتتأوّه في محاولة بائسة في إخفاء سيلٍ من الدّموع. يسيرُ كلٌّ إلى جانب، لأنَّ القُرب أصبحَ لا يُطاق! وهناكَ تُطوى الحياة، وتسكنُ الدّموع، ليعلو بعدها الشّهيق... ثمَ تلي نفحاتٌ من الهدوء، فتصفو العين، ويروق الخاطر، ويتكلفُ البعض الابتسامة أو ربما يتصنعُ الدُّعابة ثمَ ....حانت ساعةُ الفراق... انطرَح النازح الشاب بينَ ذراعي أبيهِ الشيخ عَلّهُما يصِلانِ ما كادَ يَنقطِع، وودَ كلاهما لو كانت ضمّةُ الأبد. ثم عانقَ الباقين واحداً تلو الآخر والدّمعُ وحدهُ حديث الوداع. وما كادَ ينتهي إلى أحد مُودّعيه حتى زاد اضطرابه والمُودّعين، وأخذوا...

رِحلة الحُروف دينا - أحمد سعيد

صورة
لِنُبْحِر بالأحرُف وَلِتُسْعِفنَا اَلْكَلِمَات. تتكونّ الجُمل لترتبط بحِبالٍ سَميكة مُتماسكة استعدادًا للطيران فِي مَجرات الفضاء ونُبحر إلى عالم الأحلام الخالي من الشّوائب والمَطبّات، والعقبَات... لنسافر فيها إلى عالم لم نعرفه من قبل بعيد كُل البعد عن العالم الذِي نعيش فيه، لينتهي الظلم إلى الأبد ونعيش بِسلام، نَطْوِي صفحة الخِصام، ونبني صفحة اَلصُّلْح، نمحي سواد القلوب ونمسك بِالْفَرَاشَاتِ لنضع بصمة الفرح... ليتوقّف سوء الظّنّ، ولنرسُم البسمَة على الشّفاه... هل لنا أن نُغادر دون أن تُنتزَع أرواحنا ونفقد فيها طاقتنا، أو دون أن تدفن أجسادنا وتُوضع تحت التُّراب، نُبحر بالخيال... نُغادر مُدة وَجِيزَة من الزمن، بغمضَة عين لنُنهي فيها الآلام والآهات وتتوقّف فيها النّزاعات والصّراعات، نسافر بالزمن إلى كوكب الفرح وعالم القلوب النّقيّة، إلى مَجرّة الحُب والسّلام نعود مِثلما وُلدنا بتلك القلوب التي لا تحمل عِبئا وغمّا وهَما وَحُزْنًا بل بداية جديدة، بداية بيضاء مثل الكفَن الأبيض الذي يَلتفّ بنا عند الوَفاة، هل لنا أن نطمئنّ في عالمنا قبل أن نُغادر إلى الأبد أن لا تتشتّت أفكارنا وينتزع الأمان م...

ما اسمك؟ بالفتح أم بالكسر! - خطَّاب

- في زمنٍ قادم، هناك حيث لن يكون من الأسماء سوى اثنان؛ لا ثالث لهما، إمّا مفتوحًا وإما مكسورًا. - بخطوات مُثقلَة، وثيابٍ رثّة، شخص ما يسير بالقرب منِّي، يجرُّ قدَميه جرًا... يبدو أنه يَحمِل جبالًا من الهُموم على ظَهرِه، تَعرِف ذلك من خلال حركة قدميه ومُلامستهما لسطح الأرض... نظرت لوجهه، فإذا هو غير الوجوه التي أعرفها، بدا لي أنه من تلك الوجوه المُراق ماؤها...التقت أعيُننا، لم أرد أن تلتقي، فضحته عيناه، العيون ليست مَخبأً جيّدًا للأسرار، العيون تَفضَح، تمنيت حينها لو كنت أعمى، العمى خير من رؤية عينين بذاك الضعف... نكّستُ رأسي... جفّ حَلقِي... ذهب نفَسي... سحبت جميع الهواء المَوجود في تلك البُقعَة كي يعود لي بعضٌ من نَفَسي... تَجرّأتُ وخطوتُ نحوَه، مَددتُ له يدِي والتي كعادتها سُرعان ما تُصبِح يدًا جليديّة إذا ما وُضعتُ في مَوقفٍ مُحرِج... لم يُعرنِي اهتمامًا...لم يمد لي يدًا...ما بك؟ سألتُه. تقوقَع على نفسِه فإذا بي أسمع صوت شهقات... تأكدتُ من كونه طفلًا! ما اسمك؟ يأبى أن يُجيبني إلا بالشَّهقات... وضعتُ يدي على كتفِه من باب المُواساة بالنّظر لكونه طِفلًا ويبكي فإذا به يُبعد جَسدَه عن يَ...

معايير جاهلية - ميرا محمد

الاختِلاف بمَثابَة فَرض على البشرية؛ فلا يمكن أن تتّفق وجهات النّظر في إطار موضوع واحد دائما، ولكن لنَعِي حقيقة أن الاختلاف في بديهيّات المَسائل وأصول العقيدة كارثة؛ لأنها تهدم قواعد المنظومة ككل. للناس معايير مختلفة يُقيّمون بها المَواضيع بشكلٍ عام، وهذا لا يُلغي مَفهوم الُمغالطَة التي يقع في البعض نتيجة لسوء التّقييم أو لخللٍ في الفِكر أساساً! تعدّدت الصّيَغ والجاهلية واحدة، وفي زمن الصّراع الحاد من أجل الشّهرة كانت الوسائل غير المَشروعة -الوصول للشهرة بدافع خَالف تُعرَف، أو حتى بدافع مجموعة أسباب تافهة وغير منطقية ألبتة- تبريرا للغائية!  التّرويج لمواضيع ذات قِيمة مُتدنية بحجة الدّعم الذّاتي للمُقرّبين، عدم إعطاء الأعمَال حقّها من النّقد البنّاء، الإقبال على شراء المُعجَبين من أجل حَصد الإعجاب وليس لسبب ذو فائدة، حصر القِراءة في الكُتب الحائزة على الجوائز بصرف النّظر عن المُحتوى والذي غالبا ما يسيء بشكل أو بآخر لشخصية القارئ وعِرضه أو دينه ومُعتقده، الاستشهاد بالكُتاب الغربيين كونهم محلّ الاهتمام والثّقة غالبا، وكل ذلك تقييم مغلوط قائم على مظاهر جذابة هشّة المُحتوى والقيمة الأد...

معاناة الخرّيجين - ضياء مسعد

صورة
عندما كنتُ طالبة في الجامعة كنتُ آملُ أني عندما أتخرّج سوف أحصل على الوظيفة المناسبة في مجال تخصُّصي.  ولكني عندما تخرجتُ من الجامعة فوجئتُ بعدم وجود الوظيفة، فقد تمّ على تخرُّجي من الجامعة ثلاث سنوات، وكنتُ أرى الخرّيجين من قبلي يُعانون من عدم وجود المُسمّى الوَظيفي  في بلدنا، فكنتُ دائماً أتساءَل في نفسي هل بلادنا فقيرة إلى هذهِ الدّرجة حتى يمنَع أبناءَه أبسط حقوقهم في الحصول على الوظيفة؟  راودَتني بعض التّساؤلات، هل بلدنا فقيرة وخيراتها غير كافية لتفيض علينا من خَيراتها الوَفيرة؟  لماذا كنا دائماً نسمع من آبائنا بأن اليمن بلد خير؟   ما زلتُ أتذكرُ حديث والديّ عندما كنت في الابتدائية وهما يُحدّثانني بأن اليمن من أول الدّول الدّاعمة لفلسطين من خيراتها الوفيرة! أعلم أن اليمن دَاعِمة للقضيّة الفلسطينة منذُ زمنً طويل!  وعندما أقامَت الحرب في سوريا اليمن هي من أول البُلدَان العربية التي فتحَت أبوابها للسّوريّين واحتضَنتهُم وأعطتهُم من كل خيراتها!   لماذا دائماً ينظر إلينا الآخرون على أننا بلد الثّروة السّمكيّة والنّفط والمَعادِن والمَمرّات المائ...

وتلك الأغلال - غُفران مُحمد

تحرّري، من كل شيء وأنتِ آتية إلى هنا، نحن لا نقبل الأرواح المُحتجزَة في قضبَان الأهواء المُشبعة بالرّغبات المَقيتَة، ولا النفوس المرهونة تحت رحمة المظَاهر. نحن هنا نصنع أنفسنا، ونشكل صلصال ذواتنا، لا مؤثرات خارجية تحكمنا ولا شي يمسك بزماننا في هذا العالم لا شيء سوانا• تحرّري وانزعي عن روحكِ ثياب الجَهالة المُنتِنة، تفرّدي وكوني نفسكِ، فأنتِ لا تحتاجين <لفلتر> يُحسنكِ، ولا لعمليات تجميل باهظة لتزدادي جمالاً، أنتِ جميلة كما أنتِ لأنكِ حواء• هم يُغرون روحكِ ويُميلون قلبكِ تحت مُسميات المُوضة، وكأنّها هي فقط من تمثل التّحرّر وإن التّحرر بعيد كل البعد عن مَفاهِيمهم الضئيلة، إنهم يهلكونكِ فقط بالركض وراء رغباتهم وشروطهم وكأن الجمال خلق لهم وبهم أو كأنهم الوكيل الوحيد والحصري للجمال، عزيزتي لا شي يضاهي ارتقاء روحكِ ولا جمال فانٍ يمثلها• تحرّري وتَحلّلي من كل شيء يُثقل داخلكِ ويُكدّر صفو خاطرك فليست تلك الثياب الخليعة هي من تصنع منكِ أنثى فاتنة وليست أيضاً آراء الرّجال وإبداء استحسانهم لمظهركِ من يُقيمكِ، وليست تلك الضحكات العالية أيضاً هي من تقذف حبكِ في قلب هذا وذاك، ولا تلك المِشيَات ...

ثم عادوا غرباء! - رحيل

صورة
إلى الرجل الأفلاطوني -الذي قال يوما عن نفسه: "أنا أسد وسأُحرق غابَة الأمازُون من أجل لبوة!"- : هل طرق الباب أم ما زال ينتعل حذاءه! ها أنا أكتب إليك بعد عام كامل من خيانتك! لن تكون هذه المرة رسالة حنين وعتاب، وإنما سأخبرك عن حال رجل يحمل نفس عينيك الناعستين! في زمن كان الرجال يَبيتُون في عيون نسائهم، كانت خيانتك تَبيتُ فيّ، حتى غضضتُ النظر عن تلك الكائنات التي تحمل شَارِبا! استمر الوضع كذلك لمدة، وفي إحدى ليالي الشتاء القارس أتى إلى طوارئ المشفى شاب، لم يكن سوى جُثة هامدة تتأهب للرحيل! تكالبَ عليه الأطبّاء والمُمرّضات، وكان لي نصيب من ذلك الحشد الذي لم يكن يراه الموت سوى مسرحية هزلية! انتحيت ناحية في الغرفة، بينما بقي الأطبّاء ينتشلونه من بين فكي الموت، وبالفعل نجا! في اليوم التالي قادتني قدماي نحو غرفته وكأني أردت الوقوف أمام إحدى معجزات الطبّ، طرقت الباب فقابلني بابتسامة تجعل من فرعون موسى! لم تكن الدّهشة في نجاته وإنما في عينيه الشّبيهتين بعينيك! فالنظر فيهما كان أشبه بالغرق.  لقد تذكرت بدايات الحب وتلك التّلميحات... بالتحديد تلك الرسالة التي وضعتَها في حائطك: "أعطني ...

مجلّة العربي الصّغير - رنا خميس

صورة
بعدسة علياء القسامي    من أجمل أيامي في طفولتي التي أحنّ إليها وأودّ أن يعود بي الزمن لعيش تلك الأيام هي أوقاتي في قراءة مجلة 'العربي الصغير' التي تحمل في طيّاتِها ذكريات من الاستمَاع والاستفَادة. أتذكر أول مجلة وَصلتني كانت إصدار سنة ٢٠١٣ كنت وقتها في الصفّ الثاني ابتدائي، اشترَاها أبي في ذلك اليوم حتى أُجيد القراءة جيداً في المَدرسَة، وبدأت أقرأ القصص المُصوّرة أما القصص الطويلة فكانت أمي تقرأ لي وأنا أستمعُ إليها باهتمام بالغ، إضافة إلى أنها كانت تشرح لي القصة بالعامية وشيئاً فشيئاً استطعتُ القراءة بمُفردي وصرت أنتظر على أحرّ من الجمر إصدار النُسخة الجديدة كل بداية شهر وبذلك صارت العربي الصغير جزءًا لا يَتجزّأ من حياتي كطفلة، كانت أهمية شرائها أكثر من شراء الألعاب حيث كان شراء هذه المجلة بملغ زهيد يمكن لأي طفل أن يشتريه من مصروفه حتى!  لكن لم تدُم أيامي مع مجلتي المُفضلة طويلاً لأن في حرب ٢٠١٥ توقّفَت بلادي عن استيرَاد هذه المجلة العظيمة، حزنت كثيراً لقد كانت قصصها عالمي المُفضّل، كنت أقول لنفسي "كيف سأعتاد كل بداية شهر بدونها؟!" ومرّت الأيام ولم تعد مَوجودة 'ا...

محمد الشريف.. العالِم الطيار - السيد سين

صورة
  لم يثنه كونه طيارا يزور أرجاء البلاد عن طلب العلم الشرعي، ونيل شرف مهمة التدريس، وكتابة ما يزيد عن سبعين كتابا.. محمد بن موسى الشريف ولد في عام 1381هـ في مدينة جــــدة بالمملكـــة العربيـــة السعوديــة، وتعلم العلوم الشرعية منذ صغره، ونال العديد من الشهادات والوظائف، هو رجل موسوعي، فهو داعية إسلامي، وإمام، وطيار، وأستاذ جامعي، وكاتب، وباحث في التاريخ الإسلامي، ومتخصص في علم القرآن والسنة، وتمكن من إكمال الدراسة الأكاديمية الشرعية وحصل على الدكتوراه في الكتاب والسنة، وحفظ القرآن الكريم وأجيز في القراءات العشر. عاش حياته عاملا تارة في السماء بجوار السحب، وتارة في الأرض مع طلابه، كان منشغلا دائما بالتنقل في بساتين كتب السلف، عاش معهم منذ صغره، همته العالية جعلته يكتشف قدرته العالية مذ كان صغيرا. همته العالية جعلته يكدح من أول عمره، فكان يدرس صباحا، ويعمل ليلا مع أبيه في دكانه الصغير في جده..  تأثر محمد بن موسى الشريف في شبابه بالصحوة الإسلامية التي ظهرت في المملكة العربية السعودية، التي نشرت مبادئ الإسلام وسماحته ووسطيته، فكان من أوائل من تأثر بها، فعكف بعدها على قراءة كتب ابن ...