لنكن حقيقيين - نجاة البكاري




وهمست همسة صمت متعجبة مما نحن فيه، مجالسة الليل الونيس والفكر الشارد والتأمل في نجومه ومدى بريقها، كل منها لها جمالها الفاتن، تتراقص حول القمر متباهية بشكلها، دائما ما تراودني أسئلة كثيرة 

 ‏لمَ نحن من الداخل مختلفون؟! 

 ‏لمَ نحمل أرواحًا ليس لها أصل بذاتها؟!

 ‏كأن تكون في مجلس نساء تخبرك إحداهن عن شغفها وحبها للحياة وللعمل، وطبيعتها تعكس ذلك تماما 

 ‏لمَ التصنع؟!

 ‏ ولتكن فعلا تحب عملها كما تدعي

 ‏ لمَ نحن لا نتقبل كلامها؟!

 ‏ داخلنا يحكي شيئًا، وخارجنا شيئًا آخرا

 ‏لمَ لا نصدق القول؟!

 ‏في تعابير ملامحنا تظهر بواطننا، مضيت وأنا حائرة في أمري، وما إن ركبت العربة إلا وأسمع حديثًا بين الراكب والسائق يحدثه عن مدى حبه لزوجته وعائلته، وأنه يعيش حياة من الرفاهية.

 ‏وما هي إلا ثوانٍ، ويرفع الصوت على تلك الأغنية الحزينة، تحكي قصة فقد وشوق تبعثر صاحبها 

 ‏لمَ لا تستمتع بأغاني أكثر فرحة، كما تدعي أنت 

 ‏لمَ هذا الاختلاف في شخصياتنا؟!

 ‏أخبرتني طفلتي اليوم بأن زميلة لها فاجأتها والدتها بكعكة صغيرة؛ تحتفل بعيد ميلادها، سررت بذلك كثيرا، جميلة هي المفاجآت التي تدخل السعادة في قلوب الأطفال، ولكنها فاجأتني بأن زميلتها لم تهتم لذلك أبدا؛ قائلة: أمي تبحث عن الشهرة، وتسعى لها ولو على حسابنا نحن؛ فاليوم ليس عيد ميلادي! 

 ‏أمي لا تعلم متى حتى ولدت، أخذتها حياة المشاهير إلى عالم نست فيه عالمنا الواقعي.

 ‏إلى هذا الحد وصلنا في التنكر، شخصيات متعددة معقدة تسكن كل فرد منا، وجوه مختلفة ليس لها أي علاقة بالداخل.

 ‏الداخل الذي لو كشف عنه الستار لخسرنا الكثير وأولها ذواتنا... 

 ‏يعيش المرء معروفًا باسمه، لكن هل سألت نفسك يوما من أنا؟ وكيف أبدو من الداخل؟

 ‏أقنعة تلازمنا دون الالتفات لها -أصبح الأمر عاديًا جدا- يجب السؤال عنها!

 ‏اكتشفت مع الوقت أننا نحن النجوم التي تتباهى بنفسها، متزاهية بلمعتها وداخلها أسود معتم لا يشبهها إطلاقا!

 ‏جميعنا نسعى إلى القمر، بينما لو أمعنا النظر أكثر وصدقنا القول فعلا، لوجدنا أنفسنا قمرا يضيء الظلام الدامس ... فقط

 ‏ لنكن حقيقيين!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محمد الشريف.. العالِم الطيار - السيد سين

فماذا أقولُ ياقُدسي - سارة سامي