حوار مع غائب - رزنة صالح

 



سكبتكُ في دلو عمري الفارغ لِيلدَ لي الفراق قطرات من لقاء أخرس!

ظننت بأن المرض يُقرّبني منك ويُزيح غبار السنين المُتراكم، ولكني حين استيقظت على قُبلتك الباردة تذكرت بأنكَ صنعتَ من الغياب حجّة لكي لا تزورنِي.

قُبلة الموت دافئة جدًّا لِذلك مُذ رحيلك وأنا لا أشعر بالبرد، فكرت كثيرًا في التوقّف عن تسطيرك بين النصوص لكون الشوق بات يأكل روحي ولا تُخفي تجاعيده الكلمات!

تذكرت مؤخرًا بأن الكتابة همزة الوصل بيني وبينك، هل تعلم ما المؤلم!

بأنكَ القريب الذي لا أستطيع لمسه والبعيد الذي لا أستطيع نسيانه، بالرغم من تكاثر فروع السنوات على جذور مُهجتي الذّابلة! إلا أني أراك الشعر الأبيض في جمجمة الأيام الخافتة

على جفني الكثير من الدّموع المطرزة بخيط من الأسى هل تظنها دموعي أم دموعك؟

ماذا لو رحلت أنا إليك ألن تبتسم الغيوم؟

لقائي مع الموت لا يُخيفني لكوني سوف أصل إليك!

والسماء تبتسم لترابي، وينهش غيابك قلب ورقتي المثقوب!

عاشقة أنا ولكن عشق كفن وتراب!

هُنا تعود الحياة للقلب، هذا القلب مسكون بك ولا أعلم أن كُنت مُصابة بهوس الغياب، صدقنيّ أنا ابنة غيابك حين لج شوقي إليك مات كُلّ لقاء لي مع الحياة، 

يُقال بأن المدن خاوية حين يهجرها الناس والقبور خاوية حتى بوجودهم فيها ولكني أرى القبور مدينة تضج بالحياة!

ما دام وجود الله نورا يملأ قلبي بالإيمان 

هل تظنّ بأن شوقي إليك أصابني ببضع من الجنون؟

ثم ماذا أليس قيس مجنون ليلى!

ماذا لو أصبحت أنا مجنونتك أليس هذا بجميل؟

صدقني بلغ قلبي من العمر عتيا، وارتداء ثوب الحزن الفضفاض يجعلني أجمل، توشّحت أنا الغياب 

وفُطم قلبي من كُل شي عداك.

هل يرضع الحنين من قلبي!

لا أظن فعمري يتسرّب خلف سنوات صمتك القاتلة!

ليلة البارحة شربت ذكرياتك من إناء الموت، ومن ثمّ مرّرت يديّ في قميصه الأبيض كان طريًا جدًا أظنها قلوب الأحبة عالقة بين ثناياه.

هُنالك شامة سوداء تتوسط ثوبه الناصع هل تعلم ما هي؟

إنها قلبي الذي يرتديك كلما طار شوقًا إليك.

 

يقول المتنبي في الفقد:

"وما اشتَدّتُ الدنيا عليَّ لضيقها

ولكنَّ طَرْفًا لا أراكِ بهِ أعمى

لهذا أراك سبيلا يأخذني إلى الله لأنه مهل لي حضورك حتى في الغياب.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محمد الشريف.. العالِم الطيار - السيد سين

فماذا أقولُ ياقُدسي - سارة سامي