رسالة تتجدد - ميرا محمد



"من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت"    

يقولها الصديق حتى يُخرج الناس من فجآءة الموقف والحيرة التي أصابت الناس إثر موته صلى الله عليه وسلم، ليعي من كان له قلب أن هذا الدين لن ينتهي بموته صلى الله عليه وسلم؛ فما كان عليه إلا البلاغ المبين، ولذلك يموت الرجال ولكن لا ينتهي الدرب، ويموت الأنبياء ولكن لا تموت الرسالة، ويموت القضاة ولكن لا ينتهي العدل، فالتلميذ النجيب لا يقضي بقية عمره يندب حاضره ويرثي أستاذه ولا يكمل الطريق، فما هذا إلا فعل الحمقى والمغفلين. فأولًا، ما كان لعبد صادق يعلم أن الله حق وأن الرسالة بحاجة إلى من يقيمها أن يقعد، وثانيًا، 

لأن الصديق محب صادق ما كان ليسمح بانهيار بناء أقامه رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

ولكن سرعان ما تناسى المسلمون هذا الدرس، وبدؤوا بإحاطة قادتهم ورؤوسائهم بهالة من التقديس والملائكية، حتى لتجد أحدهم يقضي عمره بأكلمه منتظرا عمرا أو صلاح الدين ليقوم من قبره ويحرر الأقصى؟! أو يموت لهم رئيس فمنهم من يغرق في ماضيه وأن سنواته كانت الأفضل..، وطائفة منهم تبكي الحاضر! 

فتظل الأوضاع مثيرة للشفقة بل وكارثية! وبينما هم في أحلامهم يعمهون كذلك أمنياتهم بعودة الموتى ضرب من الجنون، وليت قومي يعلمون.

ولكن باغتيال أحمد ياسين - رغم تحذير المحتل بأن اغتياله ممكن أن يكون له عكس توقعاتهم- يعود درس الصديق ليثبت الفلسطينيون أن درب الجهاد لا يقوم بأحمد ياسين الذي بدأ الطريق، وأن ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة، وإسرائيل الآن تريد إعادة الكرة بمحاولة حثيثة لاغتيال قادة حماس أو كتائب القسام، ولكن الفلسطينين فهموا الدرس جيدا، والهدف أصبح واضحا، إما نصر أو شهادة، رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه لا يضرهم من خذلهم، ولا يفنيهم عن درب الجهاد شيء.



* منشور من العدد 40 لمجلة منشورات الواحة


 Instagram: man

shurat_alwaha


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محمد الشريف.. العالِم الطيار - السيد سين

فماذا أقولُ ياقُدسي - سارة سامي