على أمواج البحر - ريم محمد درويش

 


سماء ملبدة بالغيوم، بحر غاضب، طيور تهذي، وهناك حيث الرياح تراقص الأشجار وتتساقط حلتها الخضراء، 

في الطريق عجوز يجلس القرفصاء يكتب أعوامًا بالدموع على ظهر نهدة حراء يصحبها الأنين ، ويبث أزمنة من الصمت إلى صدى الموج الهادر، تارة يلقي نظرة على البحر هائمًا به وتارة على إطارِ لوحة تقع أمامه لٱمرأة فائقة الجمال، ذات شعر أملس طويل كذيل الحصان، أسود اللون تتداخل فيه خصلات بيضاء، وعيناها كأنهما الياقوت.


أخذ ورقة وقلم كانا في الجهة المقابلة للوحة وقام بأخذ زفير وشهيق وابتسم ٱبتسامة طفيفة على شفتيه وأمسك القلم وبدأ في كتابة رسالته: أعتذر عن تأخيري لمراسلتك، لقد كنت متعبًا هذه المرة وأظن بأنني سوف أأتي إليك قريبًا، وهذا ما يُسعدني حقًا، لا أقوى على العيش بمفردي لطالما ضميري يؤنبني بأنني السبب في فقدانك.

نعم أنا السبب، لو لم نأتِ إلى هنا لكنتِ حينها بين أحضاني أستيقظ على منبهات ضحكاتك الطفولية، وأستنشق من هواء عطرك الممزوج برائحة الورد، وأرتشف قهوتي من بن عينيك الجميلتين، لو لم نأتِ إلى هنا لأمسينا سعداء في منزلنا المبني من طوب الحب، أما الآن لقد رافقني الحزن وفقدت معنى الراحة حتى النوم تخلى عني، بفقدانك خسرت الكثير وأثمن شيء خسرته هو عمري الذي كان معقوداً بحياتك.

نسيت إخبارك في رسالة أمس أنني أنقذت طفلاً كاد يغرق وتبتلعه موجات البحر مثل ما عملت معك من قبل، أصبحت بطلاً في أعين الجميع، فلماذا لم أكن بطلاً حينها وأنقذك من موجات البحر الهائجة؟!

ألم شديد يجتاح صدري حول إجابة ذلك السؤال، فلا أعلم ماذا أجيب أو بماذا أعتذر، ولكن أتمنى أن تسامحيني فأنا ما زلت أعيش على ذكراك وكتابة الرسائل التي تخفف من وطأة الحزن الجاثم على صدري، وأود تذكيرك بأنك أجمل إمرأة رآها قلبي وعشقتها روحي،

فإذا لم تُبحر رسالتي الجديدة لك يوم غد اعلمي بأن الله أخذ أمانته ليجمعني بك في جنتهِ.

_ وقام برمي رسالته تلك في البحر مع أمواجهِ الثائرة وعاد إلى مكانه يدعو الله ويتأمل ملامح تلك اللوحة.



* منشور من العدد 40 لمجلة منشورات الواحة


 Instagram: 

manshurat_alwaha


تعليقات

إرسال تعليق

اكتب تعليقا لتشجيعنا على الاستمرار...

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محمد الشريف.. العالِم الطيار - السيد سين

فماذا أقولُ ياقُدسي - سارة سامي