حفل تخرج - إيمان التويتي


 

بداية قبل أن تبحروا معي في هذا الموضوع لا تأخذوا كلامي من باب التشدد ومن هذا القبيل إنما هو من باب التذكير والتوضيح لأننا حتمًا جميعًا سنصل لتلك اللحظة التي سنُسأل فيها عن شبابنا ومالنا ووقتنا وعلمنا... فأعدوا الجواب المناسب لهذه الأسئلة... ألم تسمعوا كلام نبينا حين قال: ((لن تزول قدما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسأَلَ عن أربعِ خِصالٍ: عن عُمرِه فيما أفناه، وعن شبابِه فيما أبلاه، وعن مالِه من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن عِلمِه ماذا عمِل فيه))حديث صحيح. حفل تخرج كلمة لكنها تعني الكثير...فهل قيل لك أن الملكين هذا اليوم لا يسجلان كل شيء تعمله! أم أنك تتوقع أن في مثل يوم كهذا كل شيء مباح لك! هل التبرج أمر هين؟ أم المزاح مع الجنس الآخر شيء طبيعي؟ هل لبس المزين والملون سيظهر قيمتك في أعلى عليين؟ أم أن تلك العطور الفواحة ستجعلك تبدو إنسانًا متحضرًا؟ هل تلك الصور المختلطة التي تأخذونها مع زملائكم وزميلاتكم ستكون ذكرى جميلة كما تخططون لها؟ أم أنها ستكون لعنة على حياتكم ومصدر بؤس عليكم؟ وذلك اللباس الفاخر الذي تتباهون فيه ويظهر من الجسد أكثر مما يخفي هل سيكون لنا وقاء وسترا من نار جهنم أم هو سبب لدخولنا فيها؟ والكثير الكثير من المواقف التي أخجل من ذكرها.. وإن أخبرتهم أو حاولت نصحهم يردون عليك "فرحة عمر" إذًا فرحة مثل هذه لماذا لا نكللها ونباركها برضى الله وطاعته لنسعد... لنتفكر قليلاً... الأمر ليس هينًا كما نتوقع... بل كثرة المنكر في مثل هذا اليوم قد يكون يوم ويل علينا ولا نعلم ذلك، كفاكم تساهلا وانتبهوا فنواقيس الخطر تدق كل لحظة لكننا لا ننتبه لها لأننا غارقين في بحر من لهو مميت أمات فينا تلك الخصال الحميدة والصفات النبيلة والأخلاق السامية... يضل أحدهم سهرانًا طوال الليل يجهز ويرتب وقد يمضي إلى الحفل ناسيًا صلاته وربما أغضب والديه، منشغلًا بتجهيزاته ولبسه وأناقته بحجة أنه مشغول وأنه يوم مميز ويجر خلفه مخالفة تلو الأخرى.... إي نعم هو (يوم مميز)، مميز بالمنكرات حيث تكثر فيه، مميز بالتساهل والتهاون للأسف... مميز حيث أنكم تجنون فيه من الذنوب أطنانا وأطنانا. هل هو حفل تخرج نفخر فيه بما نلنا وتعلمنا خلال تلك السنوات ونتوج على عرش العلم ملوكا، أم هو حفل زفاف نزف فيه إلى النار زفا؟ لماذا كل شيء يفعله الغير بكثرة يصبح عندنا أمرا طبيعيا فعله متناسين أو متغافلين أن كلمة أكثرهم وردت بالقرآن على النحو غير المرغوب والصفات غير الحميدة وأن القلة القليلة هم المصطفون الأخيار، ركزوا في الآيات...(أكثرهم الفاسقون، أكثرهم يجهلون، أكثرهم لا يعلمون، أكثرهم لايشكرون) وأصبحنا نقلد كل شيء نراه بدون أي ضوابط تردعنا وبدون أي قيود تمنعنا وتصدنا عن التفكر كيف يحدث هذا وهل الله راضٍ عنا بكل مانفعل هل وهل وهل؟! نقلد.. متجاهلين أن التقليد لا يجدي ولا ينفع وهل سنحاسب على هذا... وهل هذا سيحرمنا الجنة ويبعدنا عنها آلاف الأميال ويقربنا من النار بل ربما يكون سبب في بقائنا فيها وخلودنا والعياذ بالله.. فلماذا لا تتفكرون...((وفي أنفسكم أفلا تبصرون))...يصرف أحدهم المبالغ الهائلة ليوم كهذا إنها ساعة من زمن لا تستحق منا كل هذا العناء وقد يصل حال البعض إلى الخصومة مع والديه بحجة عدم قدرتهم على تلبية وتغطية التكاليف الباهضة والمبالغ فيها...قال تعالى:((لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)). فلماذا نحمل أنفسنا أشياء فوق طاقتها وقدرتها على شيء لا يستحق بحجة: لماذا فلان وفلان أنا لست أقل منهم، تبًا... ويقسم أن يعمل ويشتري الأجمل والأغلى ليبدو الأفضل وقد يضطر الكثير لأن يلجأ للدَين والسلف لتغطية تلك التكاليف... حين أرى كل هذا أتعجب! عجبًا ألا ترون أننا ندفع المبالغ الطائلة والتكاليف الباهضة لأجل النار بينما الجنة لا تكلف فلسًا! لستُ ضد الفرحة والاحتفال احتفلوا وافرحوا كيفما تشاؤون ولكني ضد المبالغة والمغالاة والتقليد الأعمى لشعوب لا تناسب ديننا ولا حياتنا هذا الذي يدخلنا في منطقة الخطر والمحظور... احتفلوا ولكن بحدود، بدون ذنوب، دعونا نرى حبكم للعلم وإنجازكم وفرحتكم، احتفلوا باعتدال وبساطة لتكونوا أجمل!

تعليقات

  1. نظرة واعية تستحق الإلتفات، وعقلية واعدة تستحق القراءة، كل الشكر والدعم لكِ إيمان.

    ردحذف
  2. كلاااااااام في محله ناقشتي موضوع قووووي جدآ لانه بصراحه مع الاسف كثر التبرج والمفاخره في حفلات التخرج

    ردحذف
  3. حقيقة أختي ٳيمان غفل عنها الكثير والكثير

    ردحذف
  4. ابو عابد النعماني12 سبتمبر 2022 في 11:05 م

    احسنتي القول واصبتي عين الحقيقة ، وللأسف صار حفل التخرج عند البعض بكل مراحل الدراسة وليس التخرج من الجامعة كما هو معروف بالسابق

    ردحذف

إرسال تعليق

اكتب تعليقا لتشجيعنا على الاستمرار...

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محمد الشريف.. العالِم الطيار - السيد سين

فماذا أقولُ ياقُدسي - سارة سامي