أُمَّهَات العالم الإسلامي ونحن! - هيفاء صالح

 




تحيّة طيبةً لكل أُمّ مُسلمة وكل أنثى..

فبعد حديثنا -السابق- كان حَرِيٌ بنا أن نخص الأم بالذكر والتذكير الحسن

أنا الآن أكتب لكِ وعنكِ وأُخاطب نفسي أولاً قبلك لتعلمي أننا في نفس المركب الذي يواجه الأمواج العالية والرياح العاتية

ولأني وإياكِ نعلم حال أُمّتنا اليوم..

وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب

وتوجيه أعتى الأسلحة أمامها

ليأخذون ما طاب لأنفسهم الضالة منها

هؤلاء الطُغاة المتحصنين الأشداء

لا يخافون أي قوة!

ولا يقهرهم أي عدو!

ولا يزعزع كيانهم أي خوف!

عدا" الدين الإسلامي" "وأنتِ"

نعم "أنتِ"

فأنتِ بيدك صُنع أقوى سِلاح مازالوا يخافونه حتى اليوم

وما زال ينال منهم مالا تناله منهم الحروب

أتعلمين ماهو؟

إنه "إبنك" وإبنتك التي ستنجب يوماً ابن..

ما أجمل حين تعيشين حياتك كلها لله!

في شبابك  وهرمك..  وتتخذين من كل مرحلة من حياتك وسيلةً لنصرة هذا الدين الذي صار في زمنٍ يُسهل التخلي عليه..

فهذا "إبنك" هو أقوى سلاح تدافعين به عن الدين

وتذودين به كل شائبة "غربية" التصقت بهذا الدين..

هذا "إبنك" هو أكبر خوف لِملل الكُفر قاطبة..

ولكن ليس بتلك السهولة

فيجب عليك المعاناة والمجاهدة والمصابرة والمثابرة والمحاربة لتصنعي منه كل ذلك..

وإلا وقد يكون -لاسمح الله- أقوى سلاح بأيديهم بجهله عن الدين فتُفتك الأمة به!

وكيف أعمل به!؟

ترغيبيه بتعاليم أمور دينه ودنياه

حثه على تتبع خُطى الصحابة والسلف الصالح

بالحرص عليه في الدخول لدور التحفيظ 

وقبل كل ذلك بإلتزامه بصلاته حُبًا لربه ومخافةً منه وطاعة له..

ويمكن الثورة الجزائرية كخير مثال، مائة واثنين وثلاثين سنة احتلال، ومع ذلك تمكن الشباب الصغير من طرد المحتل؛لأن الأم الجزائرية ورثت حُبّ تعلم القرآن وورثت حب الوطن والفداء للأبناء .

قد تقولين : إن الكلام أسهل من الفعل فليس هناك من يفعل هذا اليوم الا من هدى ربي؛ فماهي القوة التي نملكها تجاه أكبر طغاة الأرض!


لو كان الأمر كما تقولين لما أقتص الإحتلال -اليوم وأمس - من المرأة الفلسطينية وأبنائها ومازال..

والأحصائيات شاهدة على ذلك

لأنه يعتبرها العصب الأساسي في المعركة الرئيسية للجود الفلسطيني ضد الإحتلال

ولأنها الجبهة الداخلية التي تصنع الرجال وتمدهم بالقوة، وتورثهم المفتاح، مفتاح البيت الفلسطيني.

ولأنها المتعلمة اللبيبة التي أنشأت جيل متسلّح بسلاح العلم قويٌ بتعاليم الدين

وعت وعقلت المهمة التي أُختصت بها فأعطتها حقها على أكمل وجه-بإذن الله-

وإن كان الرجال يجاهدون بالخارج بالبنادق..

فهي من أعدتهم -بحول الله- لأجل هذا

إن للمجاهد في سبيل الله مكارم وفضائل وخصائص لا ينالها غيره 

فكم سيكون لهذه المرأة الجليلة!

السائرة على نهج الصحابيات الجليلات..

أُمهات العالم الإسلامي

اللواتي عاشن فقط لهذا الدين 

وبذلن لأجله كل نفيس

وبذلن له فلذات أكبادهن الذين أصبحوا أئمةً لهذا الدين وعلماءً أفاضل!

وخلّد التاريخ أسماءهن بماءٍ من ذهب

ومنهن:


أم شيخ الإسلام ابن تيمية ترسل لإبنها رسالة تقف دقات القلب أمام ماقالت :"وإني يا ولدي لن أسالك غدا امام الله عن بعدك عني لأني أعلم أين وفيم أنت ولكن يا أحمد سأسالك أمام وأحاسبك إن قصرت في خدمة دين الله وخدمة أتباعه من إخوانك المسلمين"


وهذه أم سفيان الثوري رحمهم الله

عزم سفيان على طلب العلم فشد الله عزمه ذاك بوالدته وتكفلت بالإنفاق عليه وقالت:" يا سفيان اطلب العلم وأن أكفيك بمغزلي!"

فأصبح الثوري رحمه الله فقيهًا، صاحب مذهب، وخامس الأئمة الأربعة المجتهدين.


وهذه أم الإمام مالك بن أنس رحمهم الله

الجدير بالذكر أن الإمام لم تكن بدايته على طريق العلم بل كان أبعد مايكون عنه، فقد كان يحب أن يكون مغنيًا، فصرفته هذا الأم الفاضلة الحكيمة عن هذا الطريق الو طريق العلم.. يحدثنا بهذا الخصوص ويقول" نشأت وأنا علام فاعجبني الأخذ عن المغنين، فقالت لي أمي: يابني أن المغني اذا كان قبيح الوجه لم يلتفت الى غنائه، فدع الغناء واطلب الفقة. فتركت المغنين واتبعت الفقهاء فبلغ الله بي ما ترى"


فهذه أم مالك العاقلة لم تكذب على ولدها بقولها إنه قبيح الوجه إذ لم يكن مالك كذلك.. وإنما أرادت أن توحي إليه بما يصرفه عن عزمه.. 

ينتهي نسب مالك الى قبيلة "يمنية" هي قبيلة ذو أصبح وأمه "أزدية"

فأبوه وأمه "عربيان يمنيان"

وإذا كانت "الحكمة يمانية" فقد نالت منها أم مالك نصيبا كبيرا..


وهذه أم الشافعي التي كفلة ابنها بعد أن توفى ابوه وعمره سنتين فنذرت الأم العاقلة إبنها للعلم تجوب به البلدان وتقدمه للشيوخ وتلتمس له مكانا في الحلقات حتى أصبح -بفضل الله- الشافعي الذي ملأ طِباق الدنيا علمًا.


رضي الله عنهن وعن أولادهن وسلام عليهما في الآخرين، إنهن 

يُقدمن لنا الدروس جيلا بعد جيل

فهل وعينا هذا الدرس!

هل وعينا إن نشأنا على ما نشأناه عليه! وان صغيرنا يشب على ما شاب عليه! وان البذرة الطيبة تؤتي أكُلُها بإذن ربها !

هل وعينا قيّمة المهمة التي كُلفنا بها!


وهل نكافح لأجل نبلغ بها ما نتمنى !

او نكتفي بالتمني ومسايرة متطلبات العصر..

في حين تدفعين إبنك دفعًا ليتعلم لغةً أنجليزية لا يكون له ضمان مستقبل الا بها! فكيف بضمان الآخرة!

ما أخجلنا اليوم ك مسلمين حين نتوارث كيفيات الصلاة وأمور الدين من أبانا الذي تعلموا من أباهم الذين تعلموا من أجدادهم في زمن فيه الجهل أكثر من العلم!

انقضت الجاهلية نعم ولكن ما زالت تورث افعالها وعاداتها..

وهذا لأننا فُطرنا ولله الحمد على هذا الدين فما أعطيناه حقه ولا سعينا السعي الخالص لأجله ..

وكأننا نؤدي كل حقوق العبادة على أكمل وجه فنلهث الى ابتغاء غيرها

فماذا حصدنا؟

الذل وضعف حالنا اليوم

حين أبتغينا العزّة بغير الإسلام

فنسأل الله أن نقوم بدور الأمهات في تنشئة العلماء، من أجل النهوض بالأمة والعمل على تقدمها ونفع المسلمين ورفعتهم.

تعليقات

إرسال تعليق

اكتب تعليقا لتشجيعنا على الاستمرار...

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محمد الشريف.. العالِم الطيار - السيد سين

فماذا أقولُ ياقُدسي - سارة سامي