طوفان الأقصى - أثير العبدالله "دجلة"
لطالما كان سلاحنا الدعاء بينما كنا نحارب بعضنا بأقوى السلاح.
اليوم أتى نصر الله؛ ألا إن نصر الله قريب. نحنُ ننتمي إليكَ مسجدنا. هناك هناك نشعر بالانتماء بعيدًا عن شعوبٍ تُمزقنا كلّ التمزيق.
كنتُ أرجو هذا الصباحِ يا الله.
رأيتَني مئات المرات بقلبي المُنكسر الذي يتلهّف لهذا اليوم تلهّف الظمآن لموردِ الماء. كثيرة التكرار والاستغاثة بكَ بعد كلّ حديثٍ ونقاشٍ أن توقظني على خبرِ الانتفاض والانتصارِ لفلسطين.
وهأنذا استيقظ بعد ترحيب السماء لشمسها من اليومِ السابعِ من تشرين الأول، وأمسكُ هاتفي كعادتي لينبثقَ أمام عينيّ هذا الخبر العظيم، فلا أتمالكُ نفسي، وتسري قشعريرة فرحٍ في جسدي لم أستطع كتابتها ولا التعبير عنها، فهذا النوع من السعادات لا يُكتب بل يُعاش. ودموع الجبر تنتظر فتح الأبواب وبأعلى صوتي ملء المكانِ أصرخ: جاء اليوم، ها قد أتى وامتلأ الدلو "بحسبي الله ونعم الوكيل" وفاض البئر بالدعواتِ والانتظارات. حينها كنتُ كفراشة أُطلق سراحها من قبضةِ طفلٍ طائش كاد أن يشدّ الخناق عليها ويقتلها. لم تسعني سمائي ولا أرضي لفرحتي. أنا هنا وبلا سلاح، بلا حراك أصرخ: الله أكبر وتضج بزوايا الكون كله كإنذارٍ بالحياة من جديد. أغمض وأفتح عين الحرية على جنة الأرض؛ جنتي، حلمي، وأراه حقيقةً أمامي. بكيت ثم انحيت لأسجد صلاة شكرٍ وأنا أشم رائحة تراب الأقصى باتَ حرًّا لا يدنّسه اليهود. أخذت نفسًا عميقًا أعيد به الحياة بداخلي.
تمنيّت بساطًا يحملني إليكِ يا قدس، تمنيّتُ الخيال ليأخذني إليكِ، ويتحقق الحُلم أخيرًا، وفي سبيلكِ أجد الذي أردتُ، وأهتفُ بساحاتكِ هتافًا فدائيًّا يحقن روحَ كلّ فلسطينيّ.
من هذا المنبر من يهمه الأمر فعلًا، من يثور ثائرة أهلكِ من شتّى بقاعِ العالم فليدع لكِ ولأبنائكِ بالنصر والسلام، لا أن يزاحمون مواقع التواصل بالحديثِ عنكِ وبفرحةِ الوقوف الضاري ويدّعون الحُب ولا يقاتلون معكِ بالدعاء.
من يحبّكِ حقًّا ويرجو تقبيلكِ ثم السجود شكرًا أمامكِ ما غفلَ عن دعوةٍ تكون بمثابةِ الرمح بأيدي جنودك الأوفياء.
أما الصخور الصماء، والمتخاذلين المنافقين، لا حديث معهم، لا يستحقون الكلام، ولا مكان لهم في نصوصنا؛ فنحن بالله أقوياء وبهِ واثقون وإليهِ نلجأ بانتصاركِ ولو قلّت حشودكِ واستشهد أكثر حرّاسكِ المناضلين. تبقين العجيّة القويّة في كل حالٍ وزمان، وتقفين شامخة رغم خذلان العالم لكِ متناسين أمركِ خضوعًا وجبنًا. ليس باليدِ حيلة يا حبيبة، والقلب يحترق في الدقيقة مائة نبضة من وصَب.
يا أيها الناس جاهِدوا معهم بالدعاء، قدّموا لهم أدرع الحرب بدعائكم، لا تتقاعسوا، هذي فلسطين وهذي الأقصى، والأقصى لنا ونحنُ لها.
رددوا بالسجودِ والوقوف: "اللهم إنا نستودعك المسجد الأقصى وأهل القدس وكل فلسطين".
ربنا ينصر المقاومة على عدوهم وعدونا...
ردحذف